الزفزافي حرًّا… هل يبدأ المغرب كتابة الصفحة التي تأخّرت كثيرًا؟

بقلم: بوشعيب البازي

لو كان للكرامة أن ترتدي قميصًا، لكان لونه برتقاليًا مشبعًا برائحة الريف، مرّ عليه سبع سنوات من التعب، ومن الشعارات التي بقيت تهمس في جدران الزنازن، بعد أن خفّ صداها في الشوارع.

ناصر الزفزافي حرّ. هكذا قالت التسريبات، ثم تأكدت الحكاية التي طال انتظارها. لكن السؤال ليس في خروجه، بل في ما إذا كنا قادرين – كمؤسسات وكدولة ومجتمع – أن نتحمّل صوت من طالب بالكرامة دون أن نلصق به تهمة الانفصال، والعمالة، و”النية المبيتة لقلب النظام عن طريق الشعارات”.

سبع سنوات كاملة قضاها الزفزافي في السجن بسبب قيادته لحراك الريف، الحراك الذي بدأ بعد حادث مأساوي طحن فيه شابٌ في شاحنة نفايات، لكنه كشف بعده عن وطن يعيش أزمة استماع، لا أزمة حكم.

#الكرامة_ليست_جريمة

#أطلقوا_ما_بقي_من_الريف

كان من السهل اتهام الحراك بالانفصال، فكل من لا يُطأطئ الرأس في هذا البلد، يُتهم إما بالخيانة، أو بالتمويل الخارجي، أو بأسوأ ما في قاموس البلاغات الرسمية من “مصطلحات خيبة الأمل”. لكن الواقع، كما يعرفه سكان الحسيمة وإمزورن والناظور، أن مطالب الحراك لم تكن يومًا انفصالية: كانوا يطلبون مستشفى لا مقبرة، جامعة لا مركز شرطة، وطريقًا لا تنتهي عند الحاجز الأمني.

فما الذي تغيّر الآن؟

من الواضح أن المغرب يقف على أعتاب مرحلة جديدة: سياق إقليمي مضطرب، تحديات داخلية لا تحتمل التجاهل، ونموذج تنموي يحتاج لمن يحرسه لا لمن يصفق له فقط. لهذا فإن إطلاق سراح الزفزافي لا ينبغي أن يُختزل في مجرد “عفو ملكي كريم”، بل يجب أن يُقرأ باعتباره بداية تصالح حقيقي مع الريف… تصالح لا تكتبه الأقلام بل الأفعال.

نحن لا نطالب الدولة بالتنازل، بل بالاستماع. ولا نطالب الدولة بالمغفرة، بل بالعدالة. لأن المغرب الذي يريد أن يُبهر العالم بموانئه وشركاته الناشئة، عليه أولًا أن يُبهر أبناءه بالإنصاف.

#الحرية_للزفزافي_ولكل_الصوت_الحر

حين يخرج الزفزافي، لا يجب أن نطالبه بالصمت، بل أن نسمع منه. أن نستفيد من خطابه بدل أن نتوجس منه. وأن نحول الغضب الذي كان في الشوارع إلى حوارٍ في القاعات، وجسور بين الدولة ومواطنيها بدل الأسلاك الشائكة الرمزية.

أما بوشعيب البازي، الذي يكتب هذه السطور بين كوب شاي ثقيل ومكتب تنبعث منه رائحة الصحف القديمة، فلا يسعه إلا أن يبتسم بسخرية:

“لو كانت الدولة آلة موسيقية، لكان صوت الريف هو النشاز الوحيد الذي يجب ألا نكتمه… لأنه الوحيد الصادق.”

وفي الختام، دعونا لا نخاف من الزفزافي، بل من اليوم الذي لا نجد فيه من يزعجنا بأسئلته.

#مرحبا_بك_ناصر

#الريف_ينتظر_الكرامة

#المصالحة_الحقيقية_تبدأ_بالاستماع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com