في المغرب، كما في باقي أنحاء هذا الكوكب المتصلب أخلاقيًا، يُعرف “المنظم والممون” بقدرته على تنسيق الزفافات، ترتيب الموائد، وخلق لحظات فرح لا تُنسى. غير أن “التريتور” الذي وقف أمام المحكمة الزجرية بعين السبع، مساء الخميس، كانت له وظيفة إضافية: إخراج أفلام هواة في غرفة النوم، دون ميزانية، ودون إذن البطلة.
قضية هذا “الممون” – الذي بدا أنه يهوى التوزيع أكثر من التموين – لم تكن لتخرج من الجدران الحمراء لولا شجاعة الزوجة التي قررت أن تتوقف عن لعب دور النجمة الصامتة في عروض زوجها الليلية. فبعد سنوات من ممارسة الجنس الجماعي تحت التهديد، والتخدير، وتسجيل الحلقات بكاميرات خفية مثبتة في غرفة النوم، قررت أن تطلب المساعدة، ليس من شرطة السينما، بل من شرطة الجنايات.
من حفلات الزفاف إلى حفلات الانحراف
أن يُجبرك زوجك على “التحرر” أمام غرباء، وأن يُقنعك بأنكِ تشاركين في مشروع “تحرري” حدّ الصراخ، وأن يُمسك الكاميرا ويجلس في الظل كـمخرج مسرحي حائر يشاهد زوجته تتألم… فهذه ليست سينما مستقلة، بل انحدار سريالي في مستنقع الاتجار بالبشر والاعتداء الجنسي.
المتهم لم ينكر شيئًا، بل على العكس، بدا فخورًا بإبداعاته. اعترف أن نشوته تزداد حين يرى زوجته “تتألم”، وأنه يتصفح فيسبوك بحثًا عن “رجال ديموقراطيين” يشاركونه البطولة. حتى الفيديوهات التي سجلها – وهي وثائق قد تُدرّس يومًا في معاهد انحراف السلوك – لم ينف وجودها، بل اعتبرها ملكية فكرية شخصية للاستهلاك الداخلي.
حين يتحول التبادل الزوجي إلى تجارة مظلمة
كنا نظن أن تبادل الزوجات هو طقس غربي غريب لا يتعدى منتديات غامضة ومقاهي مظلمة في شمال أوروبا. لكن أن تجد من يمارسه في إحدى فيلات البيضاء، ويوثق المشاهد كما لو أنه يصور دعاية لمعجون أسنان… فهنا يكمن السؤال: متى أصبح التريتور مختصًا أيضًا في توزيع الأدوار الجنسية بدل الأطباق؟
زوجته – وهي الضحية الأولى – لم تكن بحاجة لمحامٍ، فقد تكفّل صراخها الموثق بكاميرا غرفة النوم بشرح تفاصيل الجريمة. أما المحكمة، فقد قررت أن تطفئ الأضواء، وتُنزل الستار بخمس سنوات من الحبس، كنوع من الرقابة الأخلاقية على عرض لم يحصل على موافقة مسبقة.
بين قاعة المحكمة وغرفة النوم
القضية تكشف هشاشة الحدود بين الخصوصي والجنائي، بين الرغبة الفردية والعنف الممنهج باسم “التحرر الجنسي”. فليس كل من زين منزله بكاميرات يُعتبر مخرجًا، ولا كل من سوّق لنفسه كتحرري هو بالضرورة مناضل ضد الكبت. بعضهم ببساطة… مرضى بنرجسية خادعة، حولوا حياة شركائهم إلى مشاهد مؤلمة في فيلم لا يستحق حتى التصفير في مهرجان.
ويبقى السؤال المؤلم ، كم من زوجة أخرى تصرخ في صمت، تحت عدسة كاميرا، وهي مجبرة على لعب دور لم توافق عليه؟