“عبد الإله بن إيران”… من شيخ الساحات إلى متقاعد برتبة بطل وهمي

بوشعيب البازي

في مغرب السياسة، هناك من يخرج من الباب الخلفي للتاريخ، ثم يحاول العودة عبر النوافذ، ولو مكسّرة. عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق، لم يعد فقط سياسيًا سابقًا، بل بات حالة كوميدية دائمة، تُراوح بين الخطابة الشعبوية والحنين إلى كراسٍ ولّت. ومؤخرًا، أضحى يعتز بلقب “بن إيران”، ليس تيمّنًا بمرشد طهران، بل لأن شعاراته باتت تُوزَّع على مقاس الشعارات الثورية المستوردة من محور “الممانعة”.

سبٌّ للمغاربة… لأنهم عرفوا الحقيقة

في إحدى خرجاته الأخيرة، لم يجد بنكيران ما يرد به على الانتقادات الواسعة التي تطاله سوى سلاحه التقليدي، الشتم والسباب، هذه المرة بحق فئات واسعة من الشعب المغربي، الذين اكتشفوا أخيرًا أن الرجل الذي كان يُبكي البرلمان بخطب “التقوى” ما هو إلا تاجر سياسة بامتياز، لم يتورّع عن تسويق آيات القرآن لتغطية الصفقات، ولا عن التوسل بالعدالة الإلهية حين تعرّض لانتكاسات انتخابية مصدرها العدالة الأرضية.

معاش الريع… خطبة الجمعة مدفوعة الأجر

لعل أكبر فضيحة تلاحق “الزعيم الإخواني المتقاعد” هي المعاش السمين الذي يتقاضاه من خزينة الدولة، رغم شعاراته السابقة عن الزهد والكرامة والشفافية. بنكيران الذي كان يصدح فوق المنابر بكراهية الريع، تحوّل بعد خروجه من الحكومة إلى عاشق لمكافآت السلطة، لا يتحرّج من الدفاع عن تقاعده وكأنه وسام استحقاق، ناله بعد سنوات من “رفع الأسعار” و”خفض الكرامة”.

حزب العدالة والتنمية… من تنظيم إلى تفكك

حزب العدالة والتنمية، الذي قاد الحكومة لولايتين، يبدو اليوم كجسم بلا رأس ولا أطراف. منذ السقوط المدوي في انتخابات 2021، والحزب يعيش حالة من التشظي التنظيمي والانكفاء الإيديولوجي، فيما بنكيران يقود المعركة من حديقة منزله، بخطب مرتجلة، لا يتابعها سوى عشاق النوستالجيا.

العلاقات المشبوهة… من الرباط إلى طهران

بعيدًا عن خطاب التقيّة السياسية، لطالما احتفظت قيادة الحزب بعلاقات مريبة مع تنظيمات كـ”حماس” و”حزب الله”، تحت غطاء الدعم للقضية الفلسطينية، في حين يغضّون الطرف عن الارتباط العضوي مع أجندة إيرانية توسعية لا تخفى حتى على الهواة. بنكيران نفسه لطالما تفادى انتقاد طهران أو أدبياتها، وكأن الأمر يتعلق بـ”صلة رحم” وليست بـ”حرب نفوذ”.

العودة بأي ثمن… حتى على جثث الحزب

الرجل الذي خرج من الباب الديمقراطي لم يتردد في دفع الحزب نحو هاوية الزعامات الأبدية، حيث لا تداول، ولا تجديد، بل تمسك مرضيّ بالكراسي المهترئة. هدفه واضح: العودة للحكومة، لا عبر صناديق الاقتراع بل عبر استجداء الظروف. إنه مستعد للتحالف مع “الشيطان السياسي” إن اقتضى الأمر، فقط ليستعيد وهجه الذي ذوى.

 زمن بنكيران انتهى… لكنه لم يفهم بعد

قد يكون عبد الإله بنكيران بارعًا في الكلام، لكنه فشل في الفعل. ما تبقّى منه اليوم ليس سوى ظلّ زعيم سابق، يتغذى على الضوضاء ويقتات من معاش الدولة. وبين خطبة وأخرى، يتراءى لنا أنه لا يزال يطمح للعودة، لا ليخدم، بل ليُخدم. والفرق شاسع بين رجل دولة، ورجل لا يزال يصرّ أن يكون… نكتة سياسية في زمن الجدّ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com