الجزائر على القائمة الأوروبية السوداء: الإرهاب المالي بنكهة “سيادية”

بوشعيب البازي

في خطوة مفاجئة للبعض، ومتوقعة للبعض الآخر، وغير مفهومة على الإطلاق للبعض الثالث الذي ما زال يعتقد أن “تبييض الأموال” يعني غسل الأوراق النقدية في الغسالة، أدرج البرلمان الأوروبي الجزائر رسميًا ضمن قائمة الدول عالية المخاطر في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

القرار الذي صادق عليه البرلمان، لم يأتِ تحت ضغط سياسي ولا تحريض إعلامي – لا سمح الله – بل جاء بعد “تقييمات فنية دقيقة”، على غرار تقييمات الطقس التي تخبرك كل صباح أن الشمس ستسطع، ثم يُفاجئك المطر الجزائري المعروف بـ”الشرعي”.

 النقائص الفنية: اسمٌ ناعم لواقع فوضوي

وفقًا للخبراء الأوروبيين، تعاني الجزائر من “نقائص كبيرة” في تتبع حركة الأموال، ومراقبة المنظمات غير الحكومية، والتعاون القضائي الدولي. لكن الحقيقة أن النقائص في الجزائر لا تُقاس بالحجم، بل بالوتيرة: كلما حاولت الدولة إصلاح ثغرة، ظهرت ثلاث أخريات يرتدين أقنعة “مصلحة وطنية”.

 المصارف الأوروبية: “افتحوا عيونكم عند التعامل مع الجزائريين”

بموجب هذا التصنيف، ستُجبر المؤسسات المالية الأوروبية على تطبيق إجراءات يقظة مضاعفة عند التعامل مع نظيراتها الجزائرية. أي أنه – ببساطة – بات فتح حساب بنكي في أوروبا لمواطن جزائري، يعادل تعقيد استخراج شهادة ميلاد رقم 12 من بلدية سيدي السعد.

لكن لا داعي للقلق، فالمصارف الجزائرية، أساسًا، ليست في عجلة من أمرها. فهي بالكاد تفتح في الوقت، وتغلق قبل الموعد، وتشتبه بكل شيء… حتى في موظفيها.

العدالة تتحدث… فتتلعثم

وفي محاولة لإظهار الجدية، قدمت وزارة العدل الجزائرية مشروع قانون جديد لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، يهدف إلى “تكييف التشريع الوطني مع الالتزامات الدولية”. لكن المفارقة الساخرة أن القانون قُدم بعد صدور القرار الأوروبي، أي كما لو أن المنبه رنّ بعد أن غادرت الطائرة.

الوزير المختص وعد بإجراءات صارمة، من تجميد أموال الإرهابيين، إلى منع التعامل مع “الكيانات المشبوهة”… ما عدا تلك التي تشارك في مؤتمرات رسمية أو تمول حملات توعوية وطنية عن “أهمية السيادة النقدية”.

 اليمين المتطرف الفرنسي: صديقنا في السوء

القرار لم يمرّ بهدوء في البرلمان الأوروبي. على العكس، احتفل به أقصى اليمين الفرنسي، كما لو أن الجزائر فازت بكأس أوروبا وليس بلقب غير شرفي. النائبة لورانس تروشو كتبت بمنتهى الحماس على منصة “إكس”:

“نبأ سار! الجزائر تُصنّف أخيرًا كما نعرفها.”

كأنها تنتقم من التاريخ الاستعماري بقرار مصرفي.

سياسة أم تقنية؟ لا فرق في قاموس الاتحاد

بعيدًا عن الكوميديا السياسية، يأتي القرار في لحظة حرجة، حيث تسعى الجزائر لإقناع العالم أنها تسير على سكة الإصلاح. ولكن، كما يقول المثل الشعبي:

“النية وحدها لا تفتح حسابًا بنكيًا في بروكسيل.”

وبينما يشكك البعض في دوافع التصنيف، ويرون فيه رائحة السياسة، يحاول آخرون تصويره كفرصة لإعادة ضبط النظام المالي الجزائري. لكن في الحالتين، يظل المواطن الجزائري هو الحلقة الأضعف، العالق بين “وطنية مشروطة” و”رقابة مشددة”.

  • #غسل_أموال_لا_غسل_سمعة

  • #تبييض_بنك_نوار

  • #اليقظة_المضاعفة

  • #أموال_بلا_حدود

  • #اللائحة_أطول_من_قانون_المالية

  • #من_أوروبا_مع_الرقابة

  • #الجزائر_قائمة_عالية_المخاطر

  • #الاتحاد_الأوروبي

  • #مكافحة_تبييض_الأموال

  • #تمويل_الإرهاب

  • #GAFI

  • #البرلمان_الأوروبي

  • #القائمة_الرمادية

  • #شفافية_مالية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com