في مدينة القنيطرة، حيث يحلم الناس بقيلولة على نغمة موجة من نسيم الأطلسي، يجد سكان لافيلوت وميموزا وشارع مولاي عبد العزيز أنفسهم ضحايا نوع خاص جدًا من “السهر الليلي”. لا علاقة له لا بالمهرجانات ولا بالأمسيات الصيفية ولا حتى بأصوات جيران يشاهدون مباراة في كأس أوروبا، بل بشاحنات ضخمة تتحول كل ليلة إلى أوركسترا ديزلية تعزف سمفونياتها الحديدية على إسفلت المدينة.
مرحبًا بكم في القنيطرة، المدينة التي ما زالت تؤمن أن الشاحنات يمكنها المرور من وسط المدينة كما تمر النسمات في زقاق زنقة الفرزدق!
في الوقت الذي قررت فيه مدن مغربية أخرى إخراج النقل الثقيل من الأحياء السكنية، يبدو أن القنيطرة ما زالت تحتفظ بنموذج حضري من الزمن الجميل، حيث تمر الشاحنات على بعد أمتار من غرف النوم، وبسرعة تجعلنا نتساءل: هل نحن في حلبة سباق أم في حي سكني؟
ليل القنيطرة: شاحنات تمر، والناس تسهر… مجبرة لا مخيّرة
ليالي الصيف في القنيطرة ليست كغيرها. الحرارة تجبر الناس على فتح النوافذ، فتأتيهم الهدايا: زئير المحركات، صرير الفرامل، وأحيانًا هزات أرضية مصغرة نتيجة مرور شاحنة محمّلة بأطنان من البطيخ أو الرمال أو… من يدري؟
الأطفال يستيقظون مذعورين، الكهول يسبّون في الظلام، والزوار من الجالية المغربية التي أتت لتستريح، يتحوّلون فجأة إلى لاجئين صوتيين يبحثون عن ملجأ من الضجيج. ولعلّ السؤال الأكثر تداولا هو: “هل هذه المدينة بلا قوانين مرورية ليلية؟”
القنيطرة و”مجلسها الموقر”: في سبات عميق
في الوقت الذي يشتكي فيه السكان من هذا العذاب الليلي المتواصل، يواصل المجلس البلدي لمدينة القنيطرة لعب دور المتفرج. لا دراسات مرورية، لا تخطيط لحزام طرقي خارج المدينة، ولا حتى لافتات تنبيهية. وكأن هذه الشاحنات هي جزء من الهوية الصوتية للمدينة، أو كما يقال: “الضجيج جزء من التراث اللامادي.”
وبينما تستمر الشاحنات في غزو الأحياء ليلاً، يطالب السكان، بكل أدب، المجلس البلدي بخطوة بسيطة جدًا في قاموس التسيير الحضري: منع مرور الشاحنات داخل المدينة، خصوصًا في الليل.
لا نطالب بميناء تجاري، ولا بنفق تحت أرضي، بل فقط بقسط من النوم. فهل هذا كثير على مواطن مغربي في مدينته، في بيته، في ليل صيفه؟
نصيحة ختامية للمجلس البلدي:
إذا كان منع الشاحنات من المرور ليلًا يبدو أمرًا معقّدًا، نقترح حلاً آخر أكثر بساطة: توزيع سدادات أذن على السكان… ومعها منشور صغير بعنوان:
“كيف تعتاد على النوم وسط حلبة الفورمولا وان؟”