زيارة رسمية تعزز التحالفات الإفريقية: غامبيا تجدّد دعمها لمبادرة الأطلسي ومغربية الصحراء
بوشعيب البازي
في أول زيارة رسمية له إلى المغرب منذ تعيينه، عبّر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي وشؤون الغامبيين بالخارج، سيرينغ مودو نجيه، عن دعم بلاده الكامل لمبادرة “الأطلسي الجديد”، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، منوّها بالرؤية الملكية الثاقبة التي تروم تعزيز التعاون جنوب-جنوب، وخلق فضاء تنموي مشترك يربط ضفّات الأطلسي بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
الزيارة، التي جرت هذا الأسبوع بالعاصمة الرباط، كانت مناسبة لعقد مباحثات معمّقة بين الوزير الغامبي ونظيره المغربي ناصر بوريطة، حيث تناول الطرفان عدداً من الملفات ذات البُعد الثنائي والإقليمي، مع تأكيد متبادل على متانة العلاقات التاريخية بين المغرب وغامبيا، وتطابق الرؤى السياسية إزاء قضايا السيادة والتنمية والاستقرار في إفريقيا.
وخلال اللقاء الذي انعقد الأربعاء، أشاد الوزير الغامبي بما وصفه بـ”الرؤية المتبصرة” للملك محمد السادس، لا سيما في ما يخص مبادرة “الأطلسي الإفريقي”، التي تهدف إلى جعل الساحل الإفريقي فضاءً للتنمية المشتركة والتضامن الفعلي والرفاه المشترك، مؤكداً أن هذه الرؤية تمنح للمغرب دوراً استراتيجياً كمحور ربط بين أوروبا، وإفريقيا جنوب الصحراء، وأمريكا اللاتينية.
دعم سيادي صريح لمغربية الصحراء
سياسياً، لم يتردد سيرينغ مودو نجيه في تجديد الموقف الثابت لبلاده بشأن قضية الصحراء المغربية، مؤكداً دعم غامبيا الكامل لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، واصفاً إياها بـ”الحل الجدي والواقعي والوحيد القابل للتنفيذ” تحت مظلة الأمم المتحدة. وقد تُوِّج هذا الموقف ببيان مشترك صدر عقب المباحثات، ليُكرّس مرة أخرى انسجام المواقف بين الرباط وبانجول.
ولم يغفل الوزير الغامبي التعبير عن امتنانه العميق للمغرب، قيادة وشعباً، على دعمه المتواصل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلاده، مُشيراً إلى المساهمة الفعالة للمملكة في إنجاح قمة منظمة التعاون الإسلامي التي احتضنتها العاصمة بانجول مؤخراً.
زيارة روحية تعزز البُعد الثقافي والديني
في بُعدها الرمزي والروحي، شملت زيارة نجيه إلى المغرب توقفاً بمدينة فاس، حيث زار ضريح القطب الصوفي سيدي أحمد التيجاني، أحد أبرز رموز التيار الروحي في غرب إفريقيا. هذه الزيارة، التي تحمل دلالات دينية وثقافية عميقة، تندرج في سياق التأكيد على عمق الروابط الروحية التي تجمع المغرب بعدد من شعوب المنطقة، خاصة عبر الزوايا والتيارات الصوفية التي كان لها دور بارز في نشر الإسلام الوسطي في إفريقيا.
دينامية دبلوماسية في ظل الرؤية الملكية
تأتي زيارة الوزير الغامبي في وقت يواصل فيه المغرب تعزيز حضوره القاري وفق رؤية استراتيجية يقودها الملك محمد السادس، تُؤمن بأهمية الشراكات الذكية جنوب-جنوب، وتراهن على الدبلوماسية الاقتصادية والروحية لتعزيز مكانة المملكة داخل العمق الإفريقي.
ولا شك أن هذا التحرك المغربي المتواصل يُعزز من زخم الدعم الإفريقي والدولي لمغربية الصحراء، في وقت تتكثف فيه الديناميات الدبلوماسية والاقتصادية حول مبادرة أنبوب الغاز الإفريقي – الأطلسي، والميناء الجديد بالداخلة، وسلسلة المشاريع الكبرى التي تعكس إيمان المغرب بمستقبل قاري مشترك.
زيارة سيرينغ مودو نجيه لم تكن مجرّد مرور بروتوكولي، بل محطة دبلوماسية تعكس تماهي الرؤى بين الرباط وبانجول، وتُكرّس تموقع المغرب كشريك استراتيجي رئيسي في غرب إفريقيا، فاعل في التنمية، صادق في الالتزام، وراسخ في مواقفه.