عصابة «النضال المزيف» وتهريب الأوهام: حين يتحوّل الابتزاز إلى مشروع سياسي

بوشعيب البازي

من هشام جيراندو، المهرج بالفطرة والبزناز بالموهبة، إلى مصطفى عزيز، المليونير العابر للقارات بأجندات غير قابلة للضبط، مرورا بـ”الرفيق” إلياس العماري الذي غادر السياسة الرسمية ليؤثث كواليس المؤامرة، وصولا إلى سعيد شعو، التاجر الحر في سوق الممنوعات، والحيجاوي، المستشار في فنون الهروب والافتراء… جميعهم اجتمعوا على مائدة واحدة: مائدة التشهير، الكذب، والابتزاز الممنهج.

هؤلاء لا يجمعهم انتماء سياسي، ولا مشروع مجتمعي، بل وحدهم الطمع في إضعاف الدولة، وتصفية الحسابات مع مؤسساتها، بل وحتى شرفائها. هي عصابة منظمة، متعددة الرؤوس، وموحدة الهدف: ضرب المغرب في أمنه واستقراره، وتشويه مسؤولي الدولة بخطابات رديئة الصياغة، لا تخلو من خيال بوليسي مريض.

“التمويل عزيز… والموقع مزوّر”

عبر موقع إلكتروني مزوّر الهوية، يحمل من “التحدي” الاسم فقط، سخّرت هذه العصابة كل مواردها المالية – أغلبها من جيوب مصطفى عزيز، الذي يخلط المال بالإعلام كما يخلط التبغ بالكوكايين – لبثّ الفوضى الرقمية، ونشر مقالات مفبركة، لا تستند إلى أي معيار مهني أو أخلاقي. موقع يُروّج لتهم وهمية، يستهدف المسؤولين، ويسعى لخلق رأي عام مغشوش… لكن الفضيحة سبقت المقالات.

خطة بائسة… وكشف فاضح

لقد أصبح واضحًا أن كل واحد من هذه العناصر لعب دورًا في مشهد هزلي، لكنه خطير. إلياس العماري مثلا، اختار أن يتقن دور “السياسي المتأمل”، لكنه في الكواليس يُنسّق، ويُدبّر، ويوزّع المهام. جيراندو، مهووس بالفيديوهات المليئة بالكذب، يتقمص شخصية المنقذ من بعيد، بينما لا يملك حتى القدرة على إنقاذ نفسه من الملاحقات القضائية. شعو، الهارب منذ سنوات، وجد في هذا الحلف وسيلة لتبييض صورته، كما تبيّض أمواله. أما الحيجاوي، فحدث ولا حرج، مستشار في اللاشيء، وصوت نشاز في جوقة خربت كل ما لم تستطع سرقته.

بروكسيل وباريس… خلف الستار

الخطير في الأمر أن هذه العصابة ليست يتيمة. فشبكات الدعم والتمويل واللوجستيك تمتد إلى بروكسيل وباريس، حيث بعض الأشخاص المعروفين داخل الجالية المغربية يتورطون في تسريب معلومات حساسة حول مغاربة الخارج، من أجل تمكين هذه العصابة من أدوات التشهير والابتزاز. التحقيقات التي توصلنا بها، تؤكد أن هناك خلايا متواطئة تقدم المعلومات والملفات، بل وتؤطر “النقاشات” المغرضة على وسائل التواصل الاجتماعي.

من النضال إلى الابتذال

هي إذن “مافيا افتراضية” تسوّق لخطاباتها باسم “الدفاع عن الديمقراطية”، بينما تغرق في مستنقع النصب والاحتيال. أغلبيتهم مبحوث عنهم من قبل العدالة المغربية والدولية في قضايا تتعلق بالمخدرات، وغسل الأموال، والإرهاب الإلكتروني. ومع ذلك، يحاولون عبثًا إعطاء أنفسهم شرعية لم ينالوها لا من الشعب، ولا من المؤسسات.

الضحك الحقيقي؟ هو أن هذه العصابة تعتقد أنها قادرة على إرباك الدولة المغربية، بينما المغرب – بمؤسساته وقضائه وأمنه – ماضٍ في مسار الإصلاح والبناء، غير مبالٍ بتغريدات الحقد، ولا بمقالات “الكوبي كولي”.

إذا اجتمع جيراندو والعماري وشعو في غرفة واحدة، فلا تنتظر اجتماع حكماء، بل خلية أزمة. وإذا قرأت مقالات “التحدي”، فاعلم أنك أمام موقع يهدد سلامتك العقلية قبل السياسية. هي عصابة خططت، نفّذت، وسقطت… لأن الأكاذيب مهما طال بها الزمن، لا تُنقذ مجرمًا من العدالة، ولا نصّابًا من السقوط.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com