في سجل الحمقى الذين يعتقدون أنفسهم عباقرة، يسطع نجم البليد هشام جيراندو كألمع غبي رقميّ، عرفه تاريخ المغرب الحديث، لا بل لعله يستحق لقب “أبلد مغربي على وجه البسيطة”. فمنذ أن سلّم نفسه – طوعًا أو غباءً – لعصابة من مهربي المخدرات والسياسيين المفلسين، تحول جيراندو من مدوّن مغمور إلى بوق ببغائي يردد كل ما يُملى عليه، دون تحقق، دون تحقيق، دون حتى استعمال محرك بحث.
جيراندو، الذي أكل “التوم بفم غيره”، لم يكن سوى أداة حقيرة لتصفية حسابات بين بعض رجال أمن سابقين أغراهم الانتقام الشخصي، فراحوا يمررون له معلومات (أو خزعبلات) ليصفي بهم ثأرهم ممن اختلفوا معهم. الرجل لم يسأل، لم يتحقق، لم يتريّث؛ كان يكفي أن تصله “معلومة” حتى يخرج مباشرة في بث مباشر مرتبك، بين قهقهات فارغة وشتائم رخيصة، كأنه نادل حانة يصرخ في وجه الزبائن بدل أن يقدم لهم القهوة.
ويا للكارثة: لم يكن هشام إلا “كومبارسًا” في مسرحية بئيسة كتب سيناريوها كل من مصطفى عزيز – الرجل الذي ما زال يعتقد نفسه داهية علاقات دولية وهو لا يجيد حتى إدارة صفحة فيسبوك – ثم إلياس العماري، السياسي الذي انتهى في هامش التاريخ، وسعيد شعو، الهارب الرسمي من وجه العدالة، والحيجاوي، ضابط أحيل على التقاعد ولم يقتنع بعد أنه لم يعد في الخدمة.
جيراندو صدّق كل تلك الوعود الغبية: سفريات، حماية، مال، وربما حقيبة وزارية في “جمهورية الوهم” التي كان يحلم بها، لكنه استيقظ مؤخرًا على واقع أكثر قسوة من حلمه المعتوه: زوجته هجرت البيت، عائلته تبرأت منه، وملفاته تتراكم في رفوف العدالة الدولية.
الوجه المضحك المبكي في هذه القصة، هو أن جيراندو ظل يعتقد أنه “فاعل” بينما لم يكن سوى “مفعول به” في جملة لا محل لها من الإعراب في مسار السيادة الوطنية. لقد حول نفسه إلى منصة مأجورة في خدمة خصوم الوطن، دون وعي، دون مبدأ، ودون عقل.
واليوم، ومع توالي التسريبات وتضييق الخناق القضائي، لم يتبقَ إلا خطوة واحدة: نشر الإشارة الحمراء من الإنتربول، لتُغلق المسرحية في أحد مطارات أوروبا، ويُقبض على هذا “الدونكيشوت الرقمي” وعلى عصابته المتناثرة بين بروكسل وبرشلونة.
ولعلنا حينها فقط سنفهم، الغباء حين يلتقي بالخيانة، تكون النتيجة دائمًا… هشام جيراندو.