حمزة من “بركامو”: حين يتحوّل الحنين إلى الطين… والبوادي إلى بروباغندا رقمية

بوشعيب البازي

في زمن المؤثرين الجدد، لم نعد نميّز بين من يصنع المحتوى ومن يصنع البلبلة. بين من يحب وطنه ومن يحب مشاهداته. وبين من ينتقد من الداخل، ومن يصفّر من الخارج على أنغام الغوغاء.

في هذه الزاوية الرمادية، يظهر لنا “حمزة مفصاح ”، ابن منطقة لقراقرة التابعة للبروج و المقيم  بايطاليا بمدينة كريمونة  ولد بايطاليا في مدينة
كزال ماجوري. ذلك الشاب “نصف نصف”، لا لشيء إلا لأنه ولد من آباء مغاربة و يطعن في بلده و يشوه صورته، فاختار أن يرفع الراية الإيطالية في كل شتيمة، ويخفي الجذور المغربية خلف كاميرا مشتعلة بحمى التشويه والانتقام.

كلمة السر: البادية

حمزة، المقيم بإيطاليا، يهوى التجوال في المغرب… عبر عدسة عدائية. يقتنص زوايا نائية لا يعيش فيها حتى الجن، ويصورها كأنها قلب الدار البيضاء، ثم يصرخ بإيطالية عرجاء: «Guardate! Questo è il Marocco!» (أنظروا! هذا هو المغرب!).

بالنسبة له، السوق الأسبوعي في قرية نائية لا يملك حتى تغطية شبكة هاتفية، هو “الاقتصاد الوطني المغربي”.

الدوار المهجور منذ الستينيات؟ حي سكني يعيش فيه آلاف المواطنين “المُبَخّرين” بحسب روايته.

أما المراحيض الطينية، فهي على ما يبدو – وفق تحليل عبقري من حمزة – مراكز صحية مغربية تحت الأرض!

العقدة أم البوْز؟ الاثنان!

الغريب أن “حمزة ” لا يكتفي بتضليل الإيطاليين، بل يشتم المغاربة أيضًا، بوابل من النعوت التي تستحي منها حتى الخنازير البرية في غابات توسكانا.

يطلق على المغاربة أوصافًا وضيعة، بل ويعتبرهم “شعبًا دون كرامة”، وكل ذلك بلغة إيطالية هجينة، لا تُقنع حتى سائق شاحنة في نابولي، لكنها تكفي لتأمين “تفاعل عدواني” من جمهور فقد البوصلة بين الحقيقة والاستفزاز.

المجهول الذي يوجّهه… والمكشوف الذي يفضحه

السؤال الكبير الذي لا يطرحه أحد: من يوجّه هذا “المهاجر النموذجي”؟ من يمول مغامراته في الرباط، ومراكش، وتزنيت، فقط ليصوّر صنابير الماء المعطلة؟

هل الأمر فعلاً مجرد عطالة رقمية؟ أم أنه جزء من حملة مدروسة لإغراق صورة المغرب وسط الطين الرقمي؟

مهما كانت الإجابة، فإن هذا النموذج من المؤثرين – الذين لا يعرفون الفرق بين النقد البنّاء واللعب بالنار – صاروا يشكلون خطرًا حقيقًا على صورة الوطن، خصوصًا عندما يُقدّمون للخارج صورة مشوهة لا تمثل إلا جهلهم المركب، وشغفهم المزمن بالضجيج على حساب الحقيقة.

صورة المغرب لا تُؤخذ من شتيمة على تيك توك

المغرب بلد بجباله، وسهوله، وتحدياته، وطموحاته. بلد فيه الأحياء الراقية، كما فيه المناطق المهمشة. لكن الحقيقة لا تُبنى من لقطة مفبركة، ولا من بازار في قرية، بل من رؤية شاملة، واعية، ومسؤولة.

أما “حمزة ”، فيبدو أنه قرّر أن يخلط بين الانتماء البيولوجي والانتماء الوطني، ففضّل أن يكون ابن “البوز” بدل أن يكون ابن بلد.

وفي النهاية، نقول له كما يقول المغاربة:

“لي ما فيه خير لبلادو، ما فيه خير لحتى بلاد.”

ونضيف عليها بالإيطالية، حتى يفهم:

“Chi disprezza la sua terra, non sarà mai degno di nessuna patria.”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com