عيد العرش المجيد… تجديد للعهد وتأكيد على مغرب الإنصاف والتنمية والمواطنة

بوشعيب البازي

في مشهد مهيب تتكرر ملامحه كل سنة، احتشد آلاف من المغاربة من داخل المملكة وخارجها للإستماع لخطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة عيد العرش المجيد، الذي يُخلّد هذه السنة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين. ولعلّ الحضور اللافت لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، القادمين من بقاع العالم، شكّل تجسيدًا حيًا لعمق الارتباط الوجداني والسياسي بين الملك وشعبه، أينما حلّوا وارتحلوا.

وقد تزامنت هذه المناسبة الوطنية مع خطاب ملكي سامٍ، حمل رسائل قوية، وفتح آفاقًا جديدة لمغرب أكثر عدلاً وازدهارًا، مؤكّدًا من جديد على الطابع الإنساني والواقعي للعهد الذي يربط العرش بالمواطن، في الداخل كما في الخارج.

خطاب العرش: رؤية للتنمية ومسؤولية اجتماعية

في خطابه المؤثر، حرص الملك محمد السادس على الوقوف عند التحولات العميقة التي شهدها المغرب في العقود الأخيرة، مسلطًا الضوء على مكاسب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومؤكدا أن رهان المغرب الصاعد لا ينفصل عن تحسين واقع المواطن، وتثبيت قيم العدالة المجالية.

واعتبر جلالته أن الطفرة التي حققتها المملكة في قطاعات الطاقات المتجددة، وصناعة السيارات والطيران، لم تكن محض صدفة، بل نتيجة “رؤية بعيدة المدى واختيارات تنموية كبرى”، مدفوعة باستقرار سياسي ومؤسساتي قلّ نظيره في المنطقة.

لكن الملك، في توازن دقيق بين الطموح والواقعية، أقرّ بأن هذه الإنجازات لن تكتمل دون أن تلامس أثرها اليومي في حياة المواطنين، خاصة في المناطق القروية والهشة، حيث دعا إلى “إحداث نقلة حقيقية” عبر مقاربات ترابية مدمجة، يكون محورها الإنسان المغربي، بعيدًا عن منطق المغرب بسرعتين.

الإنصات لنبض الوطن والمواطن… من داخل المغرب وخارجه

من بين اللحظات المؤثرة التي رافقت احتفالات هذه السنة، كان التفاعل الكبير للجالية المغربية المقيمة بالخارج، التي حضرت بكثافة للاستماع إلى خطاب العرش والمشاركة في طقوس البيعة الوطنية. من مطارات الرباط والناظور إلى موانئ طنجة والناظور، تدفقت أفواج مغاربة العالم الذين اختاروا أن يجددوا ولاءهم للعرش عن قرب، حاملين معهم قصص النجاح والحنين والانتماء العميق.

إن الاستماع الجماعي لخطاب العرش، من طرف الجالية، لم يكن مجرد فعل رمزي، بل لحظة اندماج وجداني وسياسي تعزز من مكانتهم كشركاء في بناء مغرب الغد. وهو ما أشار إليه جلالة الملك غير مرة، باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من مشروع التنمية الشاملة، وفاعلين في تثبيت صورة المغرب في الخارج، ودعم قضاياه العادلة وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية.

في خطاب الملك.. يد ممدودة نحو الجزائر وصوت العقل المغاربي

ومن أبرز لحظات الخطاب الملكي، تلك الرسالة الموجّهة إلى الشعب الجزائري الشقيق، والتي أعاد فيها الملك محمد السادس تأكيد موقفه الثابت: المغرب يمد يده باستمرار للحوار الأخوي والصادق، من منطلق إيمانه بوحدة المصير والمستقبل المغاربي المشترك. موقف يُعيد إلى الساحة نبرة العقل والمسؤولية، في زمن طغت فيه لغة القطيعة.

مغرب المواطنة في صلب الأجندة الملكية

جاء الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش ليؤكد أن المشروع الملكي لم يكن يومًا مشروعًا للنخبة أو للأرقام وحدها، بل هو مشروع للمواطن، في كرامته ومعيشه وأمله في غد أفضل.

وفي لحظة وطنية جامعة، تعززت أواصر البيعة والوفاء، لا فقط عبر المراسيم الرسمية، بل من خلال التعبير العفوي للمغاربة، في المدن كما في القرى، في الداخل كما في الخارج. إنها لحظة مغربية بامتياز، تذكّرنا جميعًا بأن “لا مكان اليوم ولا غدًا لمغرب يسير بسرعتين”.

الملك في قلب أمته… والأمة في قلب ملكها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com