منذ ستة و عشرين سنة على جلوسه على العرش ، و منذ الخطاب الملكي الأول ، و منذ اللقاء الأول…بين الملك محمد السادس و شعبه الوفي…أظهر كلاهما الوفاء و الولاء لعقد البيعة الشرعية المتبادل..و اجتازا معا العراقيل و الصعوبات و احتفلا معا بالإنجازات و الانتصارات…
فتلاحم العرش و الشعب ليس مادة للاستهلاك الإعلامي بل هو حقيقة اتبثتها أحداث مختلفة على أرض الواقع و أرخت له خطابات ملكية سامية..
جوانب متعددة و كثيرة يمكننا الحديث عنها و إثارتها بمناسبة احتفالاتنا بالذكرى السادسة و العشرون على جلوس الملك محمد السادس على عرش اسلافه المنعمين… إذ لا يمكننا اختزالها في هذا الحدث أو تلك القرارات الاستراتيجية…لكنه قاد بكل تأكيد ” ثورات هادئـة ” قوية و عميقة في كل المجالات و في كثير من الملفات أولها مغربية الصحراء و مبادرة الحكم الذاتي و العودة للبيت الافريقي و البنية التحتية و في مجلات القانون و التشريع و الحريات و العدالة و حقوق الانسان و المفهوم الجديد للسلطة و مدونة الاسرة و الإنصاف و المصالحة و التقرير الخمسيني و إعادة هيكلة الشان الديني و أحداث مؤسسات خاصة بمغاربة العالم…وغيرها كثير…
الاشغال و الرافعات في كل بقع المملكة و في كل شبر من الوطن هناك إعادة هيكلة و مشاريع أحلام في الرياضة و الصحة و التراث اللامادي جارية التحقيق…
فكان المواطن و الوطن هو النقطة الأساسية في أجندة جلالة الملك محمد السادس..كان حاضرا بكل ثقله المعنوي و الدستوري و التاريخي و الديني سواء بصفته رئيسا للدولة المغربية أو بصفته اميرا للمؤمنين..سواء في مشروع إعادة صياغة مدونة الاسرة أو برامج التنمية المستدامة و التشغيل و الصحة و التغطية الاجتماعية و السجل الاجتماعي الموحد أو في قضايا مغاربة العالم حيث كان المدافع الأول عن قضاياهم و انتظاراتهم سواء داخل المغرب أو خارجه…
أو أثناء تقديمه لقراءاته النقدية البناءة و تشريحه الموضوعي و الواقعي في خطبه السامية لأن :
” الشأن الاجتماعي يحظى عندي باهتمام وانشغال بالغين، كملك وكإنسان. فمنذ أن توليت العرش، وأنا دائم الإصغاء لنبض المجتمع، وللانتظارات المشروعة للمواطنين، ودائم العمل والأمل، من أجل تحسين ظروفهم…”
و مادام الشيء بالشيء يذكر…فإن احتفالات سنة 2025 تقتضي منا تسليط الضوء على مفخرات هذه السنة و أولها توقيع العهد الجديد من الاتفاقيات الاستراتيجية بين المغرب و فرنسا و زيارة الدولة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب عقب الإعتراف القوي بمغربية الصحراء…وما تلى ذلك من اعترافات وازنة كبريطانيا و البرتغال في شهر يوليوز…أو استقبالات ذات أبعاد و دلالات استراتيجية كاستقبال وزراء خارجية الساحل في شهر ابريل 2025…
لكن ييقى القرار الاجتماعي و المجتمعي الأهم خلال سنة 2025 هو إهابة أمير المؤمنين بعدم ذبح أضحية عيد الاضحى و الاكتفاء بالشعائر الأخرى كاقامة صلاة العيد و القيام باعمال الانفاق و صلة الرحم…
فبعد سنوات جفاف عجاف تضرر منها القطيع…و بعد محنة اقتصادية تضررت منها فئات واسعة من المجتمع المغربي…جاءت الإهابة الملكية لرفع الحرج عن العديد من المواطنين في حالة عسر…
لقد كانت الرسالة الملكية ليوم 26 فبراير 2025 بخصوص تلك الاهابة جامعة مانعة إذ جاءت : ” من منطلق الأمانة المنوطة بنا كأمير المؤمنين و الساهر الأمين و الساهر على إقامة شعائر الدين ، وفق ما تتطلبه الضرورة و المصلحة الشرعية و ما يقتضي واجب رفع الحرج و الضرر و إقامة التيسير….”…
الإجماع الوطني القوي سواء داخل المغرب أو لدى مغاربة العالم و الانخراط في تنزيل هذه الإهابة الملكية بخصوص عيد الاضحى..زاد من قوة العروى الوثقى بين العرش و الشعب..
أعتقد أن انشغال الأجندة الملكية بالتنمية المستدامة و الرفاه الاجتماعي..جعل الشغل الشاغل للملك محمد السادس هو المواطن و البحث عن أمنه و سلامته من خلال تعزيز الأجهزة الأمنية و القضائية… و أمنه الصحي من خلال أحداث منظومة متكاملة للصحة سواء ما يتعلق بالموارد البشرية أو الصناعات الدوائية…و أمنه الغدائي و الطاقي من خلال إحداث منظومة وطنية متكاملة، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية….
كل هذه الانشغالات المهمة و الاستراتيجيات الاجتماعية جعلت من المملكة المغربية مملكة مواطنة وضعت في صلب اجندتها و اهتماماتها المواطن…و جعلت من الملك محمد السادس نصره الله …الملك المواطن و الملك الإنسان…