في عيد العرش المجيد، لا ينبض قلب المغرب من طنجة إلى الكويرة فقط، بل تتسع دوائره ليشمل أبناء الوطن في الخارج، أولئك الذين لا تغيب عنهم شمس الانتماء، ولا تنفصل أوصالهم عن الجذور، مهما تناءت المسافات.
من عواصم أوروبا وأمريكا، ومن ضواحي بلجيكا وفرنسا وهولندا، حجّ المئات من أفراد الجالية المغربية إلى أرض الوطن، تلبيةً لنداء الوفاء، ومشاركةً في احتفالات الذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على عرش أسلافه المنعمين. لقد شكل حضورهم في مختلف المناسبات الرسمية، وعلى رأسها حفل الولاء، تعبيرًا صادقًا عن تلاحم الروح الوطنية في بعدها العالمي، وتجسيدًا لصورة المغرب الموحد، داخل الوطن وخارجه.
دور طلائعي للجالية في الدفاع عن المقدسات
ليست مشاركة مغاربة المهجر في احتفالات العرش مجرّد حضور رمزي، بل هي امتداد لنشاط مستمر ومركزي في الدفاع عن ثوابت المملكة ومقدساتها، وعلى رأسها الوحدة الترابية. لقد تحوّل أبناء الجالية إلى سفراء حقيقيين للمغرب، في ساحات النقاش السياسي، وفي المؤسسات الأوروبية، وفي شبكات الإعلام الرقمي، حاملين لواء الحقيقة، ومنخرطين في معركة السيادة والتنوير، ضد حملات التضليل والاستهداف الممنهج.
كما ساهموا، بقوة، في تعزيز الإشعاع الدبلوماسي للمملكة، عبر شبكات العلاقات المهنية والمدنية التي راكموها، ما جعل منهم ركيزة حقيقية في تقوية الحضور المغربي في الخارج، ليس فقط اقتصاديا وثقافيا، بل استراتيجيا أيضا.
نُجدد البيعة من القلب إلى العرش
من قلب التحضيرات للإحتفالات الرسمية، عبّر الكاتب الصحفي. بوشعيب البازي ، أحد الوجوه البارزة في الجالية المغربية ببلجيكا، عن عمق ارتباط مغاربة العالم بالعرش العلوي المجيد، قائلا:
«من داخل قلب المملكة المغربية، كما في كل زاوية من ترابها الممتد من طنجة إلى الكويرة، يعلو صوت الوفاء والولاء، مجددًا العهد للعرش العلوي المجيد، ومحتفلًا بالذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على عرش أسلافه المنعمين. نحن هنا لنقول إننا جسد واحد، وعهدنا مستمر، وبيعتنا لا تنكسر مهما طال الغياب أو تغيرت الأمكنة».
كلمات تعبّر عن وجدان جماعي يشترك فيه ملايين المغاربة في الخارج، ويؤكدون بها، عامًا بعد عام، أنهم ليسوا فقط امتدادًا ديموغرافيًا للوطن، بل قوة حية، واعية، فاعلة، ومتفانية في صون كرامته والدفاع عن مقدساته.
عيد العرش: موعد للمصالحة والاعتزاز واليقظة الوطنية
إنّ تجديد البيعة في عيد العرش ليس فقط طقسًا مؤسساتيًا، بل هو لحظة وجدانية تستحضر فيها الأمة ذاكرتها الجماعية، وتُعيد ربط الحاضر بالمستقبل. وفي هذه اللحظة، يبرز دور مغاربة العالم، لا كمجرد جالية مهاجرة، بل كمكوّن وازن في الهوية المغربية الجامعة، ومكوّن يساهم بإيجابية في التنمية الوطنية، وفي إعادة تشكيل صورة المغرب في العالم.
وفي ظل التحديات المتعددة التي تحيط بالساحة الدولية، تظلّ هذه التعبئة المستمرة لمغاربة العالم، والتفافهم حول العرش، أحد أهم عوامل التوازن والصمود الوطني، ودليلًا على أن الوطن يتجدّد بأبنائه، في الداخل والخارج، تحت راية واحدة، وعقيدة جامعة، ومسيرة لا تتوقف.