لم نعد نستغرب من قوة مضامين الخطابات الملكية…بل ان كل خطاب يحمل زاوية جديدة مع احتفاظه بنسق فريد و مترابط مع باقي الخطابات السامية السابقة…
لقد حرص كبير العائلة المغربية على مخاطبة شعبه الوفي باستعماله لضمير ” أنت “…و يناقشه بوضع أسئلة و إشكاليات من طينة “السهل / الممتنع “…
و هو ما عشناه في خطاب العرش لسنة 2025…بطرحه لاسئلة جوهرية بعد إحاطة مهمة لعدد الإنجازات التي لم تكن وليدة الصدفة المحضة بل العمل الدؤوب و المجهود الخرافي و الرؤية البعيدة المدى لصاحب الجلالة بلاضافة الى عوامل الاستقرار السياسي و الأمني و صواب الاختيارات الاستراتيجية…
خطاب العرش لسنة 2025 و كعادة الخطابات السامية الاخرى..
قام بعملية استفزاز إيجابي قوية بتساءله عن ماذا حققناه من مكاسب…؟ و ما ينتظرنا من مشاريع و تحديات….؟ للتوجه نحو المستقبل بثقة و تفاؤل…؟
اعتقد انه كان يهدف الى نصحنا و هو الناصح الأمين بعدم الغرور أو الثقة العمياء و أنه لازال أمامنا الكثير من العمل…و ان كل ما حققناه هو فقط حلقة صغيرة ضمن رؤية مندمجة و تصور “بانورامي ” لمغرب اليوم الذي لا يترك اي فرد فيه في الخلف…
و هي ذات الرؤية الملكية المتكاملة التي تسعى لتقديم إجابات واضحة و صريحة عن انتظارات المواطن في المدن و البوادي و المداشر…
لذلك يذكرنا جلالة الملك عبر خطابه السامي انه لا مجال لمغرب يسير بسرعتين…و أنه لابد من تغيير العجلة و الانتقال إلى التنمية المجالية المستدامة في سبيل تحقيق عدالة مجالية تستجيب لمتطلبات المواطن في مجالات الصحة و التشغيل و التغطية الاجتماعية مع تثمين الخصوصيات المحلية…
حديث جلالة الملك محمد السادس الى الأمة في ذكرى العرش المجيد لسنة 2025 كان احتفالا بمنجزات تتكلم بلغة أرقام رفعت المغرب الى قائمة دول ” التنمية البشرية العالية ” إذ انخفظ مستوى الفقر من 11.9 سنة 2014 الى 6.8 سنة 2024 و تضاعفت صادرات المغرب الصناعية و جعلت من المغرب أرض جذب إستثمارات و شركاء متعددون و اتفاقيات تبادل حر عديدة بنحو ثلاثة ملايير مستهلك…بفضل بنيته التحتية القوية و الحديثة..
إنه المغرب الصاعد…الحريص على أمنه و استقراه و سيادته الغذائية و الطاقية و الصحية…و الحريص على تنمية كل مناطقه و تدارك الفوارق الاجتماعية و المجالية بدون إقصاء أو تهميش ..رغم كل التحديات و المعيقات فإننا سنتوجه نحو المستقبل بكل أمل و تفاؤل…
لقد كان كبير العائلة و كعادته حريصا على مكاشفة أفراد العائلة المغربية بخصوص ملف الوحدة الترابية والوطنية…و أعلن و على الاشهاد عن يده الممدودة للشعب الجزائري الشقيق لحوار اخوي لحل كل المشاكل العالقة تحت عنوان “لا غالب و لا مغلوب “…
إنها أخلاق جلالة الملك و أخلاق الشجعان…ففي الوقت الذي يعرف فيه ملف مغربية الصحراء اهتماما واسعا و اعترافات قوية من دول وازنة كان آخرها بريطانيا و البرتغال…. و استثمارات ضخمة بالاقاليم الصحراوية…في ذات الآن تعيش الجزائر عزلة اقليمية و دولية…فإن جلالة الملك يبحث عن حفظ ماء الوجه…و يرفع شعار لا غالب و لا مغلوب وأن الاتحاد المغاربي لن يكون بدون المغرب و الجزائر….
ارفع قبعتي لجلالة الملك محمد السادس على هذا الدرس الأخلاقي و السياسي الجديد…لانه اثبت فعلا أن السياسة هي أخلاق أيضا….
عبدالله بوصوف…