مايسة سلامة الناجي تخلع القفازات: حكاية الخوامجية والسبعين مليون والأسطورة التي لم تحدث!
بوشعيب البازي
مرة أخرى، تطل علينا مايسة سلامة الناجي، تلك الفوّهة الإعلامية التي تُطلق النار على الجميع… وتُصيب. تدوينتها الأخيرة لم تكن مجرد شحنة من الكلمات الغاضبة، بل كانت عملية تفكيك نادرة للأساطير الحزبية التي ما زال بعض “الخوامجية” يعيشون داخلها، كأنهم في كهف أفلاطوني لا يصلهم نور الواقع إلا بعد نهاية الانتخابات.
بداية الحكاية؟ إشاعة “دسمة” تقول إن أخنوش منح مايسة 80 مليون سنتيم في 2016 لإسقاط عبد الإله بنكيران، كبير جماعة الإخوان المسلمين المغاربة، من خلال تدوينة فايسبوكية. نعم… تدوينة. لا بلوجر، لا قناة تلفزية، لا حملة انتخابية. فقط تدوينة، وسعرها 80 مليون. مايسة، بسخريتها المعتادة، ردّت: “أنا غنسقط بنكيران بسبعين مليون؟ هههههه”.
حين تخلط السياسة بالسحر: بلوكاج بنكيران من تدوينة؟
في بلد 35 مليون نسمة، يمتلك فيها رئيس الدولة سلطة التعيين، والداخلية تتحرك مثل ساعة سويسرية، يريدون من الناس أن يصدقوا أن تدوينة واحدة قادرة على تغيير معادلات الحكم. والكارثة؟ أن من ينشر هذه “الفرية” هم مناضلو حزب “العدالة والتنمية”، الذين استبدلوا الخطاب العقلاني بنظرية المؤامرة، وجعلوا من أنفسهم ضحايا دائمين لمؤامرات لا تنتهي، من الداخلية إلى مايسة، مرورًا بالكائن الفضائي الذي منعهم من الفوز في 2021.
ومايسة، التي طالما انتقدت المخزن، لم تتردد في وضع النقاط على الحروف: من أقصى بنكيران هو الملك، لا أنا، ولا إلياس، ولا ولد زروال، ولا الشايب ديال البلوكاج. ببساطة، لأن جلالة الملك أراد توازنا سياسيا يمنع تغول الإسلاميين، ورفض بنكيران إدخال الاتحاد الاشتراكي، فانتهى الأمر بإقالته… دستورياً، وعلناً، وبدون مؤامرة فايسبوكية.
دفتر الفضائح: من ريع المحروقات إلى رشاوى الجمعيات
ولأن الذكرى تنفع “الخوامجية”، فإن مايسة فتحت دفاترهم القديمة، من تلك التي لا يحبون الحديث عنها. دفتر تحرير أسعار المحروقات، وتفكيك صندوق المقاصة، وإصلاح التقاعد على ظهر الموظف المقهور، وخوصصة الصحة، وتجويع التعليم، وتعنيف الأساتذة المتدربين… أما ما تبقى فتم تمريره تحت غطاء “المصلحة الوطنية”، و”تحصين الاختيار الديمقراطي”، بينما الحقيقة أن البلاد كانت تُدار كما تُدار شركة فيها مجلس إدارة من عرابي البوجادة.
أما دعم الجمعيات؟ فتلك كانت قصة أخرى: ملايين تُمنح لجمعيات تابعة لحركة التوحيد والإصلاح، مهمتها الوحيدة ليست التنمية أو التعليم، بل التحول إلى مكنة انتخابية عملاقة تشتري الصوت بالزيت والسكر والدعاء للوالي الصالح ابن كيران.
من خطاب المقاومة إلى خطاب المظلومية… إلى خطاب التبنديق
اللافت في تدوينة مايسة ليس فقط حجم الحقائق المُحرَّفة التي ترد عليها، بل قدرتها على فضح التحولات النفسية لأتباع الحزب الإسلامي. من خطاب “نحن فوق الجميع”، إلى “نحن ضحايا المخزن”، ثم أخيراً إلى “نحن أبناء سيدنا ونريد العودة إلى حضن الوطن”. هذه الانحناءة السريعة أمام المؤسسة الملكية لم تكن لحظة ندم، بل لحظة استباق لهزيمة انتخابية كان يعلمون أنها قادمة.
والنتيجة؟ في 2021 عادوا إلى المنزل، مرفوعي الرأس… في قاع الترتيب. والشعب المغربي، الذي شرب مرارة الشعارات الفارغة، قرر أخيراً أن يُطفئ الراديو.
الخرافة لا تسقط بنكيران، ولكنها تسقطكم
من المثير للشفقة أن حزباً حكم لولايتين، وتغول في البرلمان، واستفاد من تسهيلات دولة، ما زال إلى اليوم يبحث عن شماعة يعلّق عليها سقوطه. مرة هي الداخلية، مرة إلياس، مرة البترودولار، ومرة… تدوينة مايسة!
لكن في الحقيقة، كما كتبتها صاحبة التدوينة حرفيًا: “ما غترجعوش. لا بالتدوينات ولا بفلسطين. لأن زمنكم ولّى مع رحيل هيلاري كلينتون وصعود ترامب.”
باختصار، إذا كان سقوط بنكيران سببه تدوينة، فربما سقوط العدالة والتنمية سببه منشور فيسبوكي آخر… هذه المرة كتبه الشعب المغربي.