الجزائر في عهد تبون… من “بلد المليون ونصف شهيد” إلى “بلد المليون ونصف مشكلة”
بوشعيب البازي
منذ أن جلس عبد المجيد تبون على كرسي الرئاسة، بمباركة واضحة من الجنرالات وعلى رأسهم سعيد شنقريحة، دخلت الجزائر في رحلة مثيرة نحو المجهول. رحلة لم تحتج بوصلة، لأن الاتجاه كان واحداً وواضحاً، إلى الأسفل… نحو “الهوية” كما يسميها الجزائريون في نكاتهم السوداء.
في سنوات حكمه، فقدت الجزائر تقريباً كل ما يمكن لدولة أن تفقده دون أن تختفي من الخريطة:
- علاقاتها الدولية تحولت من شبكة دبلوماسية إلى قائمة حظر.
- القضية الصحراوية التي كانت “الورقة الذهبية” للنظام، صارت عبئاً سياسياً وماليةً منهكة.
- ثقة الشعب بالحكومة… ذهبت كما يذهب الماء في أنابيب الجزائر الجافة.
أما الشارع الجزائري، فقد تحول إلى بركان هادئ يطبخ على نار الفقر والجوع والعطش، في بلد يملك أكبر احتياطي غاز في إفريقيا، لكن مواطنيه يصطفون بالساعات لشراء كيس حليب أو قنينة ماء معدني.
ورغم هذا الواقع القاتم، وجد الجنرالات دائماً وقتاً وميزانيةً لتمويل جبهة البوليساريو، وإرسال حقائب الدولارات إلى دول إفريقية بعيدة، وكأن الشعب الجزائري يعيش في الجنة ويحتاج فقط إلى بعض “التسلية الخارجية”. وآخر حلقات هذا السخاء “الوطني” كانت إرسال الملايين إلى لبنان، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها محاولة لكسب أصوات أو ولاءات تخدم أجندة البوليساريو.
لكن وسط هذا العبث، بقي حلم الجزائري البسيط واحداً، الخروج من البلاد، ليس حباً في أوروبا أو كندا، بل هروباً من وطن صار يطارده بعجزه وفشله وفساده.
إنها الجزائر في عهد تبون، حيث السياسة أشبه بمسرحية كوميدية سيئة الإخراج، بطلها رئيس يوزع الوعود كمن يوزع منشورات دعائية، وجنرالات يديرون البلد وكأنه مزرعة خاصة، والشعب… الجمهور الذي لم يعد يضحك من النكات لأنه صار جزءاً منها.