الجزائر: استنفار سياسي وأمني لمنع احتجاجات محتملة تحت غطاء التضامن مع غزة

بوشعيب البازي

دخلت السلطات الجزائرية في حالة استنفار سياسي وأمني غير معلنة، بعد بروز دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي للتظاهر دعمًا لغزة، وسط مخاوف من تحوّل هذه التحركات إلى احتجاجات مطلبية، على غرار موجة الحراك الشعبي عام 2019.

مصادر أمنية أكدت صدور تعليمات برفع مستوى اليقظة ومتابعة تطورات الشارع، فيما سخّرت المنابر الدينية ووسائل الإعلام ومحتوى الشبكات الاجتماعية للتحذير من “الفتن ومحاولات المساس بأمن واستقرار البلاد”. الأئمة خصصوا خطب الجمعة للدعوة إلى الوحدة ونبذ الانقسام، معتبرين أن التظاهر في الطرقات يتنافى مع قيم الدين، بينما دعت الجمعيات الموالية للسلطة، وعلى رأسها “رابطة موطني”، إلى رفض ما وصفته بـ”الدعوات المسمومة” التي تهدف إلى إثارة الفوضى وتخدم “أجندات خارجية”.

في هذا السياق، رفضت وزارة الداخلية طلب 12 حزبًا سياسيًا الترخيص بمسيرة تضامنية في العاصمة، مشترطة الاكتفاء بتنظيم فعاليات داخل القاعات العمومية المغلقة. ووفق مصادر مطلعة، فإن القرار يعكس خشية من أن تتحول المظاهرات إلى منصة لإعادة إحياء الحراك الشعبي في ظل تدهور الأوضاع المعيشية واتساع الهوة بين الشارع والسلطة.

الطبقة الحزبية، التي فقدت منذ 2020 جزءًا كبيرًا من تأثيرها السياسي والاجتماعي، حاولت عبر هذه المبادرة استعادة حضورها وقياس شعبيتها، مستثمرة في البعد القومي لقضية غزة. غير أن غياب حراك شعبي مواكب، مقارنة بتظاهرات التضامن التي شهدتها عواصم ومدن عديدة عبر العالم، كشف محدودية تأثيرها وفقدانها القدرة على تعبئة الشارع.

المؤسسات الأمنية دخلت بدورها في حالة تأهب قصوى، مع تعليق إجازات كبار المسؤولين وتعبئة الموارد البشرية واللوجستية تحسبًا لأي مفاجآت. أما المجتمع المدني الموالي، فأجمع على رفض الدعوات للنزول إلى الشارع، مبررًا موقفه بالظروف الإقليمية “الخطيرة” التي تستوجب الحفاظ على وحدة البلاد.

ورغم أن الدستور الجزائري يقرّ بحق التظاهر السلمي، إلا أن خطاب السلطة وحلفائها ركّز على البعد الأمني والتحذير من الانزلاق نحو الفوضى، في ظل تزايد الدعوات الرقمية للعودة إلى الاحتجاج كوسيلة لكسر قبضة الحكم وإعادة طرح المطالب السياسية المؤجلة منذ 2019.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com