تبون… أفضل سفير للدبلوماسية المغربية

بوشعيب البازي

إلى الذين يعتقدون أن المغاربة لا يحبون عبد المجيد تبون ويتمنون رحيله عن الحكم، ربما حان الوقت لتصحيح الفكرة: لم يخدم أي رئيس جزائري القضية الوطنية المغربية كما فعل تبون. ففي خمس سنوات فقط، حققت الدبلوماسية المغربية ما لم تحققه في أربعين سنة من المفاوضات المتأنية والبيانات الحذرة، وذلك بفضل رئيس قرر ـ ببراءة سياسية فريدة ـ أن يلعب دور “الهدية المجانية” في معركة الجغرافيا السياسية المغاربية.

تبون، ببساطة، هو “الجوكر” الذي كلما فتح فمه، حصدت الرباط مكسباً جديداً. زلاته السياسية صارت أكثر من أن تُحصى: تهديدات مرتجلة، تصريحات رسمية محشوة بحكايات غريبة، وخلط عجيب بين الماضي والحاضر… وأحياناً بين القارات.

ولأن المغاربة أذكياء في تحويل الأزمات إلى فرص، فقد وجدوا في خرجات تبون الترفيه الذي يعوّضهم عن الكاميرا الخفية في رمضان. بعد يوم عمل طويل، لا يحتاج المواطن المغربي إلا إلى فنجان شاي بالنعناع وبعض مقاطع فيديو للرئيس الجزائري، ليضحك على عفوية رجل قادر على قول كل شيء وأي شيء، حتى بات أضحوكة تتداولها وسائل الإعلام العالمية.

أما عن خرافاته، فحدّث ولا حرج: من “دول تصطف لتقليد النموذج الجزائري” إلى “طحين يُغني عن الكسكس”، كلها لقطات جعلت منه نجماً غير مقصود على وسائل التواصل، ومادة خام لصناعة الميمات الساخرة التي تنتشر كالنار في الهشيم.

في النهاية، نجح تبون في ما فشل فيه كثير من القادة: توحيد شعب… لكن ليس شعبه. والمغاربة، وإن لم يمنحوه وسام الشرف، فإنهم يعترفون له بفضل لا يُنكر: لقد أثبت ـ بارتجاله السياسي ـ أن الدفاع عن القضايا الوطنية لا يحتاج فقط إلى حجج قوية، بل إلى خصوم يفتقرون إلى الذكاء الاستراتيجي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com