الدينار الجزائري… عملة للاستعمال المحلي فقط

بوشعيب البازي

في الجزائر، هناك حقائق لا تُكتب في الكتب المدرسية. أولها: الدينار، هذه الأوراق الملوّنة التي يُفترض أنها تمثل ثروة الوطن، لا قيمة لها إلا حيث يرفرف العلم الأخضر والأبيض والأحمر. خارج الحدود، لا يثير الدينار سوى ابتسامة مجاملة أو هزّة رأس متعاطفة. حتى في مكاتب الصرف الأكثر غرابة، التي تقبل الفرنك القمري أو الشلن الأوغندي، يبقى الدينار مجهول الهوية.

في الدول القوية، تُعرف قيمة العملة بأنها جواز سفر غير مرئي؛ الدولار، اليورو، الين… رموز للثقة والنفوذ. أما في الجزائر، فالوضع عكسي تماماً: المواطن الذي يجرؤ على السفر يجد نفسه يحمل أوراقاً لا تصلح إلا لتسوية طاولة مائلة. السائح الجزائري خارج بلاده يضطر إلى التحايل، أو التوسل إلى قريب في الخارج ليلعب دور الصرّاف الخاص.

وفي الوقت الذي يُفترض أن الدولة تحمي مصالح شعبها، يستمر النظام العسكري الحاكم في استنزاف خيرات البلاد لخدمة مصالحه، تاركاً المواطنين يعانون العطش حرفياً. الجزائر التي كانت تتباهى يوماً بمواردها المائية، باتت اليوم عاجزة عن توفير ماء الشرب بشكل مستمر. الصنابير جافة، مثل رفوف المتاجر التي يختفي منها الحليب والزيت وسلع أساسية أخرى، وكأنها منتجات فاخرة.

والأدهى أن دولاً إفريقية فقيرة، مثل مالاوي أو النيجر، تمتلك عملات يمكن صرفها في مكاتب الصرف عبر العالم، بينما الدينار الجزائري محكوم عليه بالإقامة الجبرية داخل الحدود.

  • الفرنك القمري (جزر القمر، دولة صغيرة ذات موارد محدودة): يمكن صرفه في العديد من مكاتب الصرف الدولية، وسعره يقارب 0,0021 يورو.
  • الشلن الأوغندي (أوغندا): متداول دولياً في مكاتب الصرف الإفريقية والآسيوية، ويبلغ سعره حوالي 0,00024 يورو.
  • الدينار الجزائري: غير معترف به خارج الجزائر، حتى في الدول المجاورة، وسعره الرسمي يقارب 0,0069 يورو، لكن لا يمكن تحويله إلا في السوق السوداء أو عبر التحايل.

المفارقة أن هذه العملات الإفريقية، رغم ضعف قيمتها، تملك حرية الحركة عبر الحدود، بينما الدينار الجزائري، رغم كل الشعارات الوطنية، يبقى محبوساً داخل بلده، تماماً كأحلام الجزائريين في السفر والعيش الكريم.

أما إذا تجرأ المواطن على التذمر من هذا الوضع، فالعاقبة معروفة: هنا حرية التعبير ليست نادرة، بل شبه منقرضة. ومن يرفع صوته كثيراً، يجد نفسه سريعاً خلف القضبان، حيث لا قيمة للدينار ولا لغيره.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com