تستعد وزارة الداخلية المغربية، بقيادة الوزير عبد الوافي لفتيت، لإعادة ضبط اختصاصات أعوان السلطة في ضوء تقارير ميدانية متزايدة ترصد تجاوزات لافتة لمهامهم القانونية، التي ينص الإطار التشريعي على أنها تقتصر أساسًا على مهام “الإخبار والاستخبار” ونقل المعطيات بين الإدارة والمواطنين.
هذه التجاوزات، التي بدأت تثير نقاشًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، تشمل انخراط بعض الأعوان في عمليات لا تدخل ضمن صلاحياتهم، مثل المشاركة المباشرة في حملات مراقبة الدراجات النارية المعدلة، والتي وصلت في بعض الحالات إلى المطاردة الميدانية، واقتحام أوراش البناء العشوائي أثناء المراقبة رغم غياب الصفة الضبطية التي يمنحها القانون حصريًا لمصالح مختصة، إضافة إلى دخول محلات تجارية ومقاهٍ ومطاعم ومطالبة أصحابها بوثائق الجبايات المحلية، وهو اختصاص يعود للشرطة الإدارية أو مصالح المداخيل.
ولم تتوقف هذه الممارسات عند المجال الإداري، إذ طالت أيضًا حرية العمل الصحفي، حيث أفادت شهادات ميدانية بأن بعض أعوان السلطة باتوا يطالبون الصحافيين بتصاريح خاصة للتصوير الميداني، بل ويمنعونهم من التواصل مباشرة مع قائد الدائرة أو السلطات المختصة، في تعارض واضح مع المقتضيات القانونية المنظمة لحرية الصحافة وحق الحصول على المعلومة.
في هذا السياق، تعمل وزارة الداخلية على إعداد دورية تنظيمية جديدة تحدد بشكل صارم الإطار القانوني للتدخلات الميدانية لأعوان السلطة، مع التشديد على ضرورة التنسيق المسبق مع الأجهزة الأمنية والضريبية المختصة، في مسعى لضمان احترام القانون وصون الحقوق والحريات، والحفاظ على صورة الإدارة الترابية كجهاز وسيط يخدم المواطن بدل أن يتحول إلى طرف في نزاعات ميدانية أو معارك اختصاص.