صحيفة اسبانية: المغرب يتفوق في مشروع الأنبوب مقابل تعثر المبادرة الجزائرية
كشفت صحيفة نويفا تريبونا الإسبانية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، أن المغرب حقق تقدما كبيرا في مشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، معتبرة أن هذه المبادرة الاستراتيجية قد تشكل تحولا بارزا في قطاع الطاقة بإفريقيا وأوروبا.
وأوضحت الصحيفة أن المملكة، وبعد استكمال المراحل الأولية لدراسات الجدوى، انتقلت إلى مرحلة التنفيذ مع التركيز على ربط ميناءي الناظور والداخلة، مشيرة إلى أن الأنبوب سيمتد على مسافة تقارب 5600 كيلومتر وسيعبر 13 دولة إفريقية قبل أن يصل إلى أوروبا.
وأضافت نويفا تريبونا أن وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أعلنت عن استثمار بقيمة 6 مليارات دولار لربط الناظور بالداخلة، مؤكدة أن هذه الخطوة تعكس التزام المغرب ببناء بنية تحتية قوية لتأمين حاجيات السوق الداخلية وتوسيع صادرات الطاقة نحو الخارج. وأكدت الصحيفة أن هذه الاستثمارات ستغطي تكاليف البناء وتركيب المعدات وتطوير التقنيات الكفيلة بضمان سلامة وفعالية الأنبوب.
وذكرت نويفا تريبونا أن المشروع سيحدث نقلة نوعية في ربط الطاقة بين غرب وشمال إفريقيا، مبرزة أن الربط بين الناظور والداخلة سيفتح مسارا أساسيا لتدفق الغاز الطبيعي، ويساهم في تعزيز التكامل الاقتصادي مع الأسواق الأوروبية. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المشروع سيمنح المغرب مكانة محورية كجسر للطاقة بين القارتين، فضلا عن مساهمته في خلق فرص شغل ودعم التنمية الاقتصادية.
كما أكد ذات المصدر أن نجاح المشروع يعتمد بدرجة كبيرة على التعاون الدولي، مبرزة أن اجتماعات عقدت في الرباط خلال يوليوز الماضي أسفرت عن توقيع مذكرة تفاهم بين الشركة الوطنية للبترول النيجيرية والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بالمغرب وشركة غاز توغو. ونقلت الصحيفة عن المديرة العامة للمكتب الوطني، أمينة بنخضرة، قولها إن سنة 2025 ستشهد توقيع الاتفاقية الإطارية النهائية من طرف قادة دول العبور، وهو ما سيشكل مرحلة حاسمة في إنجاز المشروع.
وأشارت نويفا تريبونا إلى أن المشروع يحظى بدعم مالي مهم من شركاء دوليين، حيث أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن مشاركتها في تمويله، إلى جانب مؤسسات كالبنك الأوروبي للاستثمار والبنك الإسلامي للتنمية وصندوق أوبك، إضافة إلى اختيار مجموعة صينية لتزويد الأنابيب اللازمة، فيما أبدت الولايات المتحدة اهتماما بالمشاركة حسب ما أكده وزير المالية النيجيري. وأكدت الصحيفة أن الكلفة الإجمالية للمشروع قد تتجاوز 25 مليار دولار، مع توقّع توقيع الاتفاق النهائي بنهاية 2025.
وفي السياق ذاته، أبرز المصدر نفسه أن هذا المشروع الضخم يعكس رؤية استراتيجية للمغرب تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليص الاعتماد على الواردات الأحفورية، معتبرة أن ذلك سيساعد المملكة على تعزيز موقعها كفاعل رئيسي في البنية الطاقية الإقليمية. وأضافت أن الأنبوب سيواكب أهداف التحول الطاقي العالمي نحو مصادر أنظف وأكثر استدامة.
غير أن نويفا تريبونا لفتت الانتباه إلى أن المشروع المغربي يواجه منافسة مباشرة من مبادرة أنبوب الغاز نيجيريا–الجزائر، التي جرى إطلاقها رسميا سنة 2022 بامتداد يصل إلى 4000 كيلومتر وتكلفة تقارب 12,75 مليار يورو. وأضافت الصحيفة، نقلا عن محللين جزائريين، أن الجزائر تراهن على شبكة أنابيبها الواسعة نحو أوروبا وعلى موقعها الجغرافي الأقرب إلى نيجيريا عبر النيجر. وفي هذا الصدد، شددت الصحيفة الإسبانية أنه رغم إعلان الجزائر جاهزيتها، فإن المشروع تأخر بسبب تعقيدات سياسية وعدم الاستقرار في الساحل.
وختمت الصحيفة الإسبانية تقريرها بالتأكيد على أن المنافسة بين المغرب والجزائر في مجال الطاقة تعكس رهانات استراتيجية كبرى مرتبطة بأمن أوروبا الطاقي، مشيرة إلى أن المغرب يستثمر في مشروع طويل الأمد لتعزيز موقعه كجسر طاقي بين إفريقيا وأوروبا.