لوموند بين الانحياز والانتقائية… دفاع عن الحقيقة وصحة الملك محمد السادس

ماريا الزاكي


تناولت جريدة لوموند الفرنسية، في مقال نُشر في 25 أغسطس 2025 بعنوان “أجواء نهاية فترة محمد السادس”، الحالة الصحية للملك وربطتها بتراجع محتمل لدور الحكم في المغرب.

هذا الطرح أثار نقاشًا واسعًا في الرأي العام، وسُجلت تحفظات قوية من عدة جهات داخل المغرب، معتبرة أن التناول افتقر للدقة، وتجاوز الاعتبارات المهنية الصحافية؛ خاصة وأن معظم محتوى المقال ليس إلا إعادة لكتابات الصحافي الإسباني إغناسيو سمبريرو المعروف بموقفه المتشدد تجاه المغرب.

من أبرز النقاط التي يفتقد إليها مقال لوموند، الشفافية اللافتة التي اعتمدتها المملكة، ولا سيما الديوان الملكي والطبيب الخاص، في نشر البيانات الصحية الرسمية عند كل وعكة.
ظهر الملك بنفسه في مناسبات رسمية—مثل استقباله الرياضيين وهو يستند إلى عصا طبية، وصوره أثناء إجراء عملية جراحية في باريس برفقة أفراد أسرته—كلها إشارات واضحة على الشفافية والمسؤولية.

رغم التحديات الصحية، استمر الملك محمد السادس في أداء مهامه الدستورية بكامل القوة، بما في ذلك مشاركته في المجالس الوزارية، افتتاح البرلمان، والفعاليات الوطنية والدينية الأخرى.
ولم يكن غائبًا عن الأحداث الكبرى التي شهدها المغرب، مثل: مؤتمر المناخ COP22 في مراكش، حادثة الطفل ريان (2022)، جائحة كوفيد-19، وجهود الإغاثة في زلزال الحوز (2023)، متابعة قضايا استراتيجية مثل الماء والطاقة والتنمية بالتعاون مع الحكومة.

الخبير الدولي عزيز داودة وصف مقال لوموند بأنه يعكس “نظرة منحازة” تجاه المغرب، يعيد إنتاج خطاب ما بعد الاستعمار، ويتجاهل التحولات الجوهرية التي شهدها المغرب تحت قيادة محمد السادس مثل إصلاح مدونة الأسرة، العدالة الانتقالية، وتعميم التغطية الصحية، إلى جانب تعزيز الحضور الدبلوماسي والفكر الاستراتيجي للمملكة .

وقال داودة إن فكرة “أجواء نهاية حكم” تعكس جهلًا بالواقع المغربي حيث يظل الارتباط بين الشعب والمؤسسة الملكية عنصرًا رئيسيًا للتماسك والاستقرار .

ليست هذه المواجهة الأولى؛ فقد شهدت العلاقات الصحافية بين المغرب و”لوموند” سابقًا توترات متعددة ففي عام 1995، اتُهمت الصحيفة بالتشهير بالملك الحسن الثاني بناءً على تقرير اختُرقت سرية، فرفع الملك دعوى قضائية أمام محكمة استئناف فرنسية، التي قضت في النهاية ببراءة المتهمين بعد إثبات أن الادعاءات لم تكن موثَّقة.

وفي مناسبات أخرى، أُلقيت الصحيفة باللوم لأسلوبها الانتقائي في تناول قضايا حرية التعبير، كما عبرت صحف مغربية عن رفضها مبدأ “الكيل بمكيالين” في تغطية لوموند لبعض القضايا الحساسة.

بلاغات أخرى من لوموند تتضمن إشارات إيجابية حول الدور الدبلوماسي الجاد للمغرب، مثل اعترافها بدور المملكة في إطلاق سراح ضباط فرنسيين في بوركينا فاسو، واعتباره وسيطًا حيويًا بين الغرب ودول الساحل.
هذا يبرهن أن الصلة مع فرنسا ليست بالسيئة كما تصور بعض التحليلات، بل إن صورة المغرب في الإعلام الفرنسي تتنوّع بين النقد والتحليل المتحيّز في بعض الأحيان، والتقدير الحقيقي في أحيان أخرى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com