بعد مرور سنتين على الزلزال المدمّر الذي ضرب إقليم الحوز وخلف خسائر بشرية ومادية جسيمة، لا يزال الجدل قائماً حول حصيلة التدخلات الحكومية ومستوى الاستجابة لانتظارات الساكنة المتضررة. ففي سؤال كتابي موجه إلى رئيس الحكومة، عبّرت النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، عن قلقها إزاء ما وصفته بـ”الإخفاق الحكومي الواضح” في تدبير هذا الملف، محذّرة من تزايد مؤشرات الاحتقان الاجتماعي نتيجة ما اعتبرته استمراراً في سياسة “التهميش واللامبالاة”.
هذا و قد شدّدت التامني على أنّ آلاف الأسر لا تزال تعيش في ظروف مأساوية، رغم مرور عامين على الكارثة الطبيعية. وأبرزت أن غياب حلول جذرية وفعّالة لتأمين الحاجيات اليومية للمتضررين يجعل معاناتهم ممتدة، بل ومضاعفة، حيث يتابع التلاميذ دراستهم في فضاءات “لا تراعي الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية”. كما نبهت إلى أن التعويضات التي أعلنت عنها السلطات لم تُصرف بشكل كامل، مما ساهم في ترسيخ الشعور بعدم الإنصاف.
وتضيف البرلمانية أنّ التعامل الحكومي مع هذه المأساة اتسم بالنزعة الإجرائية واللغة الرقمية، إذ تحوّلت الملفات إلى مجرد أرقام في البلاغات الرسمية، في حين أنّ الواقع الميداني يكشف إقصاء فئات عديدة من الدعم والتعويضات، الأمر الذي دفع بعض العائلات إلى النزوح نحو المدن بحثاً عن بدائل معيشية.
الانتقادات امتدت أيضاً إلى الجانب الإعلامي، حيث اعتبرت التامني أن الخطاب الرسمي والإعلام العمومي لم يواكب حجم المأساة، بل أظهر “استخفافاً بمعاناة المواطنين”. وبحسبها، فإنّ الحكومة لم تُصغِ بعد لمعاناة ساكنة المناطق المتضررة، رغم مرور عامين على وقوع الزلزال، مركزة على ما وصفته بـ”الانشغال بالمصالح الذاتية بدل الاستجابة لانتظارات الضحايا”.
نحو مقاربة بديلة
تطرح هذه التصريحات سؤالاً أوسع حول كيفية إدارة الكوارث الطبيعية بالمغرب، ومدى فعالية النموذج الحالي في ضمان العدالة الاجتماعية والإنصاف الترابي. إذ يكشف الملف أنّ التدخلات لم تترجم بالكامل إلى سياسات عمومية مستدامة، بل ظلّت رهينة التدبير الظرفي وردود الفعل الآنية.
في هذا السياق، شددت التامني على ضرورة تبني مقاربة شمولية تقوم على:
- الإسراع في تسوية الملفات القضائية المرتبطة بالزلزال.
- تعويض جميع المتضررين بشكل عادل وشفاف.
- توفير سكن لائق يضمن الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.
- فتح تحقيق مستقل في الاختلالات التي شابت تدبير المرحلة السابقة.
إنّ مرور سنتين على زلزال الحوز دون التوصل إلى حلول جذرية يطرح إشكاليات عميقة حول كفاءة الحكامة الترابية وقدرة المؤسسات على تدبير الأزمات. وبينما تراهن الحكومة على خطابات الأرقام والتقارير الرسمية، يظلّ المواطن المتضرر في صميم معادلة هشّة، حيث تتقاطع انتظاراته المشروعة مع بطء الاستجابة وضعف الفعالية. ومن ثَمّ، يبدو أنّ استعادة الثقة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر سياسة تضع الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية في صلب أولوياتها.