كشفت تقارير مسرَّبة من أجهزة أمنية عن معطيات مثيرة تفيد بأن القيادة العسكرية العليا في الجزائر تدرس، على نحو سري، التخلّص من يوسف حمدان، ممثل حركة حماس في الجزائر. هذا التطور، في حال تأكيده، يعكس حجم التوتر الداخلي الذي تعيشه مؤسسات الدولة الجزائرية، ويكشف في الوقت ذاته عن توظيف خطير للورقة الفلسطينية في الحسابات السياسية الضيقة.
يوسف حمدان كان قد أثار الانتباه مؤخرًا عقب إشادته العلنية بمواقف الرئيس عبد المجيد تبون، واصفًا إياها بـ«الثابتة والجريئة» تجاه القضية الفلسطينية. لكن، وفق التقرير المسرّب، فإن الخطة لا تقوم على تصفية تقليدية تنفذها الأجهزة الأمنية، بل على هجوم بطائرة مسيّرة مسلّحة، في محاولة متعمدة لإضفاء بصمات خارجية على العملية، والإيحاء بأن جهة أجنبية – وتحديدًا إسرائيل – تقف وراءها.
القراءة السياسية لهذا السيناريو تكشف أن النظام الجزائري قد يسعى من خلاله إلى تحويل الأنظار عن أزماته الداخلية، أزمة اقتصادية متفاقمة، توترات اجتماعية متصاعدة، وانقسامات داخل الأجهزة الأمنية نفسها. ففي منطق السلطة، قد يوفر حادث بهذا الحجم فرصة لتوحيد الصفوف داخليًا عبر افتعال عدو خارجي مشترك، وتعزيز خطاب “الوحدة الوطنية” في مواجهة “التدخل الأجنبي”.
ويرى محللون أن توظيف عملية استهداف لشخصية مرتبطة بحماس – المنظمة المصنفة كإرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، كندا، واليابان – ثم إلصاقها بجهة أجنبية، يمنح النظام العسكري الجزائري ورقة مزدوجة، من جهة كسب التعاطف الشعبي حول فلسطين، ومن جهة أخرى تبرير تشديد القبضة الأمنية بذريعة مواجهة “مؤامرة خارجية”.
لكن مثل هذه الاستراتيجية، في حال تنفيذها كما هو موصوف، تحمل مخاطر جسيمة على مصداقية الجزائر الدولية، إذ ستثير تساؤلات حول لجوء الدولة إلى التلاعب بالوقائع الأمنية وتوظيفها في لعبة دعائية داخلية. كما قد تؤدي إلى تداعيات دبلوماسية وإعلامية معقدة، خاصة إذا تبيّن أن العملية كانت موجّهة بالأساس لخدمة أجندة النظام لا لحماية السيادة الوطنية.
في المحصلة، يكشف هذا التقرير – المسرب أو المُسرَّب عمداً – عن هشاشة الوضع السياسي في الجزائر، حيث تبدو السلطة أكثر استعدادًا لتصنيع الأزمات من أجل البقاء، بدل معالجة جذور الأزمات الحقيقية التي تعصف بالبلاد.