زلزال الحوز بعد عامين: بين الأرقام الرسمية وصوت الضحايا

بوشعيب البازي

بعد مرور سنتين على الزلزال العنيف الذي ضرب إقليم الحوز في سبتمبر 2023، وما خلفه من آلاف الضحايا وخسائر بشرية ومادية جسيمة، لا تزال معاناة السكان قائمة، بين رواية رسمية تؤكد أن ورش إعادة الإعمار يسير بوتيرة سريعة وفعالة، وصوت ضحايا ومجتمع مدني ينددان بما يصفانه بـ”الإقصاء والتلاعبات”.

مؤتمر صحافي وصرخة احتجاجية

في الرباط، عقدت كل من التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز والائتلاف المدني من أجل الجبل مؤتمراً صحافياً، طالبتا خلاله بتسوية ملفات الأسر المقصية وتعويض جميع المتضررين، إضافة إلى توفير سكن لائق للعائلات التي لا تزال تعيش في الخيام. كما شددتا على ضرورة فتح تحقيق مستقل في ما وصفته بـ”الخروقات والتلاعبات” التي رافقت عملية صرف التعويضات.

منتصر إثري، عضو التنسيقية، أكد أن “الأرقام الرسمية غير دقيقة”، وأن “التسويق الإعلامي بعيد عن الواقع”، معتبراً أن الدولة تعاملت مع الملف كقضية تقنية أكثر من كونه ملفاً إنسانياً.

وعقب المؤتمر، نُظمت وقفة احتجاجية أمام البرلمان، رفع خلالها المحتجون شعارات تندد بسياسة “الإقصاء والتهميش”، متهمين السلطات بتجاهل العشرات من الوقفات والمراسلات طيلة العامين الماضيين.

رواية البرلمان والمعارضة

البرلمانية فاطنة التامني، عن فدرالية اليسار الديمقراطي، انتقدت بدورها استمرار معاناة المئات من الأسر داخل خيام مهترئة، وحرمان أخرى من التعويضات الكاملة التي سبق أن وُعدت بها. وحذرت من تنامي الاحتقان الاجتماعي بسبب “تحويل معاناة الضحايا إلى مجرد أرقام في تصريحات رسمية”.

الرواية الرسمية: نسب إنجاز تفوق 90%

في المقابل، أكدت وزارة الداخلية، في بيان رسمي، أن برنامج إعادة البناء وتأهيل المناطق المنكوبة بلغ نسبة إنجاز قاربت 91.33% إلى غاية نهاية غشت 2025، مع بناء نحو 24 ألف مسكن جديد، وفق معايير مضادة للزلازل وملائمة للخصوصيات الثقافية والمعمارية للمنطقة. وأشارت الوزارة إلى أن جميع الخيام أُزيلت بعد تعويضها بمساكن جديدة، مع توقع بلوغ نسبة 96% من الإنجاز خلال الشهرين المقبلين.

كما عزت الوزارة تأخر بعض المشاريع (نحو 3%) إلى مشاكل مرتبطة بالورثة أو إلى أسر امتنعت عن مباشرة البناء رغم استفادتها من الدفعة الأولى من الدعم، مؤكدة أن الإجراءات القانونية اتُّخذت لمعالجة هذه الحالات.

فقدان الثقة… الفجوة المتزايدة

رغم الأرقام الرسمية الإيجابية، لا تزال الهوة واسعة بين ما تعلنه السلطات وما يرصده الضحايا والمجتمع المدني على الأرض. استمرار وجود أسر في خيام، وحرمان أخرى من التعويضات الكاملة، يفاقمان مناخ فقدان الثقة ويغذيان شعوراً بالغبن في صفوف المتضررين.

في المقابل، تشدد الحكومة على أن وتيرة إعادة الإعمار في المغرب تبقى أسرع مقارنة بتجارب دولية مماثلة استغرقت ثلاث سنوات على الأقل، في حين أن العملية هنا لم تتجاوز عامين.

بين لغة الأرقام الرسمية وصوت الاحتجاجات، يظل زلزال الحوز امتحاناً حقيقياً لسياسات تدبير الكوارث الطبيعية في المغرب. فإذا كانت الدولة تراهن على خطاب الإنجاز وتسريع وتيرة الأشغال، فإن الضحايا يطالبون قبل كل شيء بالاعتراف بمعاناتهم اليومية ومعالجتها في بعدها الإنساني والاجتماعي، بعيداً عن لغة الأرقام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com