اتهامات جديدة ضد إبراهيم غالي: ملف حقوق الإنسان في تندوف يعود إلى الواجهة

حنان الفاتحي

أعاد المحامي الإسباني مانويل نافارو بينالوزا الجدل حول ملف حقوق الإنسان في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، حين وجّه، خلال مداخلة أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، اتهامات مباشرة إلى زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي بارتكاب اعتداءات جنسية بحق الصحفية الصحراوية جديتو محمد محمد.

الاتهام وأبعاده

وأوضح نافارو أن ما تعرضت له الضحية لا يمثل حالة معزولة، بل يعكس، وفق تعبيره، “نظاماً قمعياً متجذراً” في المخيمات، داعياً إلى فتح تحقيق مستقل تحت إشراف الأمم المتحدة، مع إحالة القضية إلى الهيئات القضائية الدولية. كما طالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عاجلة لحماية النساء والأطفال من الانتهاكات المتكررة داخل المخيمات.

سجل قضائي مثقل بالاتهامات

الاسم القضائي لإبراهيم غالي ليس جديداً على الساحة الإسبانية. فمنذ سنوات، يلاحقه عدد من الملفات المرتبطة بدعاوى رفعها ضحايا صحراويون أمام المحاكم الإسبانية، تتهمه بالتورط في جرائم تعذيب واختطاف وقتل خارج نطاق القانون. ومن أبرزها قضية الناشط فاضل بريقة، الذي أكد مع آخرين تعرضهم لانتهاكات جسيمة خلال فترة إشراف غالي على الأجهزة الأمنية للجبهة.

كما ارتبط اسم غالي بملفات أخرى تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ما جعله موضوعاً حساساً في الأوساط القضائية والسياسية بمدريد، رغم تعثر الحسم القضائي النهائي حتى الآن.

انتهاكات أوسع في تندوف

إلى جانب القضايا المرفوعة ضد غالي، توثق منظمات حقوقية صحراوية وإسبانية حالات متعددة من التعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز غير القانوني في المخيمات. كما أشارت تقارير إلى تجنيد أطفال وإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية، ما أثار مخاوف متزايدة بشأن “الإفلات من العقاب” الذي يسود المنطقة.

إنكار بوليساريو ودعم الجزائر

من جهتها، دأبت جبهة البوليساريو على نفي هذه المزاعم، واعتبارها “حملة سياسية” تستهدف قيادتها، مؤكدة أن غالي يتمتع بحماية قانونية تحول دون متابعته قضائياً. ويستند هذا الموقف، وفق الجبهة، إلى أن أي محاولات لملاحقته تُبنى على اعتبارات سياسية أكثر من كونها حقوقية. الدعم السياسي واللوجستي الذي تتلقاه البوليساريو من الجزائر يعزز من هذا الموقف، ويعقد مسار المساءلة القانونية.

ضغط دولي متزايد

في مقابل الإنكار، تتزايد الضغوط الدولية للمطالبة بتمكين هيئات مستقلة من دخول مخيمات تندوف والتحقيق في الانتهاكات المزعومة. المنظمات الحقوقية الأممية تجد نفسها أمام مطالب متكررة لإيجاد آليات حماية للسكان المحتجزين، بما يكسر حالة الغموض التي تهيمن على أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة.

يبقى ملف إبراهيم غالي مرآة لجدل أكبر يتجاوز شخصه إلى طبيعة النظام القائم في تندوف والدعم الإقليمي الذي يحظى به. وبين رواية الضحايا والمنظمات الحقوقية من جهة، وإنكار البوليساريو وغطاء الجزائر من جهة أخرى، يظل الحسم القضائي والسياسي رهيناً بقدرة المجتمع الدولي على ترجمة الاتهامات إلى مسار مساءلة فعلية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com