واشنطن بين الدوحة وتل أبيب: دبلوماسية على حافة التوازن

بوشعيب البازي

لقاء واشنطن ورسائل متقاطعة

في ظل التداعيات المتسارعة للغارة الجوية الإسرائيلية على العاصمة القطرية الدوحة، اجتمع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مع نظيره القطري ورئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، بحضور نائب الرئيس جيه دي فانس. اللقاء، الذي جرى في العاصمة الأميركية، عكس رغبة إدارة الرئيس دونالد ترامب في تبديد الانطباع بأن واشنطن تنحاز بشكل كامل لإسرائيل، عبر فتح قنوات حوار مباشرة مع الدوحة.

ورغم نشر السفارة القطرية في واشنطن صورة للمسؤولين الثلاثة، امتنعت الخارجية الأميركية عن إصدار بيان رسمي، في إشارة إلى حساسية اللحظة الدبلوماسية.

رمزية العشاء الرئاسي

بالتوازي مع هذا اللقاء، يستضيف ترامب مساء اليوم رئيس الوزراء القطري على مأدبة عشاء في منتجعه بولاية نيوجيرزي، بمشاركة المبعوث الخاص ستيف ويتكوف. الخطوة تحمل دلالة مزدوجة: تأكيد متانة الشراكة الأميركية–القطرية من جهة، وتوجيه رسالة تهدئة في لحظة إقليمية متوترة من جهة ثانية.

زيارة مرتقبة إلى إسرائيل

في المقابل، يستعد روبيو للتوجه إلى إسرائيل مطلع الأسبوع المقبل، حيث سيلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويزور مواقع بينها موقع أثري في القدس الشرقية. الزيارة تأتي قبيل نقاش متوقع في الأمم المتحدة حول مشروع قرار يتعلق بإنشاء دولة فلسطينية، وهو ملف يرفضه نتنياهو بشكل قاطع.

المواقف الأوروبية: تضامن مع الدوحة

الغارة الإسرائيلية على الدوحة في 9 سبتمبر أثارت ردود فعل أوروبية حادة. وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا أصدروا بياناً مشتركاً وصفوا فيه الضربة بأنها “انتهاك صارخ لسيادة قطر” ودعوا إلى تفادي أي خطوات من شأنها تأجيج التوتر.

إسبانيا ذهبت أبعد من ذلك، حيث استدعى وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس القائمة بالأعمال الإسرائيلية في مدريد احتجاجاً، قبل أن يعلن عن تجميد صادرات السلاح إلى إسرائيل ومنع مرور شحنات الوقود الموجهة إليها عبر الموانئ الإسبانية، رداً على استمرار التصعيد العسكري.

معادلة صعبة أمام واشنطن

بين الضغوط الأوروبية والتوتر الإقليمي، تجد واشنطن نفسها أمام تحدٍ دبلوماسي مزدوج، الحفاظ على علاقتها الإستراتيجية مع إسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى احتواء الغضب القطري وتطمين شريك يعتبر محورياً في ملفات الوساطة الإقليمية.

لكن السؤال الأبرز يظل مفتوحاً: هل ستتمكن إدارة ترامب من تحويل هذه التحركات الدبلوماسية إلى مسار تفاوضي فعلي حول القضية الفلسطينية، أم ستظل جهودها مقتصرة على إدارة الأزمات دون التقدم نحو حل جذري؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com