مهرجان خطابي للقوى الإسلامية بالقنيطرة: بنكيران يعيد طرح أسئلة الديمقراطية والتنمية

عبد السلام العلكي

شهدت قاعة الأفراح لاشيني بمدينة القنيطرة، عصر اليوم، تجمعاً سياسياً لافتاً نظّمته الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية تحت شعار: «الاختيار الديمقراطي ورهانات الكرامة، التنمية الاجتماعية ومحاربة الفساد». اللقاء لم يكن مجرد نشاط حزبي روتيني، بل محطة سياسية أراد الحزب من خلالها إعادة تثبيت حضوره في المشهد المحلي والوطني، في وقت تعرف فيه البلاد نقاشاً متجدداً حول مسارات الديمقراطية وأولويات التنمية.

بنكيران بين الصراحة والرسائل السياسية

الأمين العام للحزب، عبد الإله ابن كيران، قاد النقاش بكلمة مطوّلة أبرز فيها التحديات الكبرى التي تواجه المسار الديمقراطي بالمغرب، بدءاً من ضمان نزاهة العملية السياسية ووصولاً إلى توفير شروط العدالة الاجتماعية. حديثه، الذي امتاز بالصراحة المباشرة، لم يخلُ من رسائل سياسية موجهة إلى خصوم الحزب وحلفائه على السواء، حيث شدد على ضرورة إعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات، معتبراً أن الإصلاح لا يمكن أن يتحقق من دون التزام حقيقي بقيم الكرامة والعدالة.

حضور وازن وتفاعل لافت

القاعة غصّت بالمناضلين والمتعاطفين، إلى جانب فعاليات جمعوية وسياسية حضرت لمواكبة الحدث، فيما حرصت عدة منابر إعلامية على تغطية مجرياته. التفاعل مع كلمة بنكيران كان بارزاً، حيث تخللها تصفيق متكرر وشعارات داعمة، ما يعكس استمرار قدرة الحزب على تعبئة قاعدته رغم ما يواجهه من تحديات على الساحة الوطنية.

فلسطين حاضرة في المشهد

اللافت داخل القاعة كان انتشار ملصقات تدعو إلى وقف العدوان على غزة، في إشارة إلى مركزية القضية الفلسطينية داخل وجدان جزء كبير من الحضور. هذا الحضور الرمزي للقضية أعطى المهرجان بعداً يتجاوز النقاش المحلي، ويؤكد استمرار ارتباط جزء من المشهد السياسي المغربي بقضايا الأمة.

الإبراهيمي ينتقد “مهرجانات الترفيه”

من جانبه، قدّم الدكتور مصطفى الإبراهيمي، الكاتب الإقليمي للحزب والنائب البرلماني عن دائرة القنيطرة، عرضاً بالأرقام حول تفاعله مع قضايا الإقليم، مؤكداً طرحه لما يفوق 300 سؤال شفوي داخل البرلمان شملت ملفات اجتماعية وتنموية مختلفة. وانتقد الإبراهيمي بشدة ما وصفه بـ«الإفراط في تنظيم المهرجانات الفنية على حساب الأولويات التنموية»، مشدداً على أن ساكنة الإقليم في حاجة إلى مشاريع بنية تحتية وخدمات اجتماعية أكثر من حاجتها إلى عروض الفرجة.

دينامية تنظيمية ورسائل للداخل والخارج

يأتي هذا المهرجان بعد أسابيع قليلة من انعقاد المؤتمر الإقليمي للحزب بالقنيطرة، ما يعكس دينامية تنظيمية تهدف – وفق ما يؤكده مسؤولون حزبيون – إلى تعزيز القرب من الساكنة وتجديد النقاش العمومي حول المشاركة المواطنة والحكامة الرشيدة. في السياق ذاته، يرى متتبعون أن الحزب يسعى إلى استعادة زمام المبادرة على المستوى المحلي، في وقت يحتاج فيه إلى إعادة بناء صورته الوطنية بعد سنوات من التراجع الانتخابي.

ما وراء الحدث

هذا المهرجان الخطابي يسلط الضوء على مفارقة أساسية في المشهد السياسي المغربي: من جهة، رغبة الأحزاب في تجديد خطابها حول الديمقراطية والتنمية؛ ومن جهة ثانية، محدودية الثقة الشعبية في الوعود المتكررة. وبين هذين البعدين، يظل التحدي الأكبر هو القدرة على تحويل الشعارات المرفوعة من على المنصات إلى سياسات ملموسة تُحدث فرقاً في حياة المواطن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com