الدعم الأميركي للحكم الذاتي في الصحراء المغربية: من الاعتراف السياسي إلى التمكين الاقتصادي
Youssef Lefraj
تشهد القضية الوطنية للمغرب، المتمثلة في ملف الصحراء، منعطفا جديدا مع اقتراب دورة أكتوبر لمجلس الأمن، حيث تتزايد الإشارات الأميركية المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وتترجمها واشنطن بمواقف عملية تعكس رغبة في جعل الاستثمارات الاقتصادية أداة لترسيخ الاستقرار السياسي.
موقف أميركي ثابت يتعزز بالاقتصاد
في لقاء جمع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بمستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مسعد بولس، عبّرت الولايات المتحدة عن “اهتمام متزايد لشركات أميركية بالاستثمار في مختلف مناطق المغرب، بما فيها الأقاليم الجنوبية”. وهو ما اعتبره بوريطة بمثابة اعتراف اقتصادي بالسيادة المغربية، يضاف إلى الاعتراف السياسي الذي كانت واشنطن قد عبرت عنه سابقا بدعمها لمخطط الحكم الذاتي باعتباره “الأساس الوحيد لحل عادل ودائم” للنزاع المفتعل.
الاستثمار كورقة قوة استراتيجية
يرى الخبير في الشؤون الإستراتيجية هشام معتضد أن انخراط الشركات الأميركية في مشاريع بالأقاليم الجنوبية سيُحدث “واقعا اقتصاديا ملموسا يعزز السيادة المغربية، ويحوّل المنطقة إلى منصة تنموية تخدم موقف المملكة”. فالحضور الأميركي لا يعني فقط رساميل واستثمارات، بل يترجم إلى قوة داعمة للحل السياسي، ويمنح المغرب ورقة ضغط جديدة تعزز مصداقية مقترحه للحكم الذاتي أمام المجتمع الدولي.
الأقاليم الجنوبية: رافعة تنموية ورهان دولي
تتلاقى هذه المبادرات مع الرؤية الملكية التي أكدت في أكثر من خطاب أن الصحراء ليست فقط جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني، بل هي أيضا رافعة تنموية قادرة على تحويل المنطقة إلى منصة اقتصادية إقليمية وقارية. وهو ما تترجمه مشاريع البنية التحتية الكبرى كميناء الداخلة الأطلسي، والمناطق الصناعية والطاقية قيد التطوير.
بوابة إلى إفريقيا
من منظور واشنطن، يشكل الاستثمار في الأقاليم الجنوبية مدخلا لتعزيز حضورها الاقتصادي والسياسي في إفريقيا. فالمغرب، بفضل موقعه الاستراتيجي وصلاته المتنامية مع القارة، يقدم للولايات المتحدة جسرا آمنا نحو الأسواق الإفريقية، خاصة في ظل التنافس الدولي على الموارد الحيوية والمعادن النادرة التي تزخر بها المنطقة.
الدبلوماسية الاقتصادية الأميركية
إدارة ترامب منحت الضوء الأخضر لمؤسسة التمويل التنموي الأميركية لبحث فرص استثمارية كبرى في الصحراء المغربية، في خطوة تندرج ضمن إستراتيجية “الدبلوماسية الاقتصادية” الهادفة إلى الجمع بين مصالح الاستثمار والتموضع الجيوسياسي. وأكد نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لاندو أن بلاده ملتزمة بالعمل مع الرباط “من أجل النهوض بالازدهار والسلم والاستقرار في المنطقة”.
من الاعتراف إلى الشراكة الملموسة
الدعم الأميركي لمبادرة الحكم الذاتي لم يعد مجرد موقف سياسي أو دبلوماسي، بل يتجسد اليوم في شراكة اقتصادية عملية تسعى إلى جعل الصحراء المغربية فضاءً للتنمية والاستقرار. ومع انخراط قوى دولية أخرى كالمملكة المتحدة وفرنسا في تشجيع الاستثمارات بالأقاليم الجنوبية، يتعزز الاتجاه نحو ترسيخ الطابع النهائي للحل السياسي، وفتح آفاق جديدة للمغرب كفاعل محوري في الربط بين إفريقيا وأوروبا والعالم.