الرباط – بعد مرور أكثر من نصف الولاية الحكومية الحالية، يجد رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش نفسه في قلب عاصفة من الانتقادات. فالرجل الذي جاء إلى السلطة على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار ببرنامج انتخابي طموح رفع شعار “الدولة الاجتماعية”، أصبح اليوم موضوع جدل واسع بسبب ما يعتبره مراقبون خروقات وتناقضات بين الوعود المعلنة والواقع الملموس.
الوعود الانتخابية: من الأمل إلى الخيبة
من أبرز الخروقات التي تسجل على حكومة أخنوش فشلها في الوفاء بوعود انتخابية اعتُبرت وقتها غير مسبوقة. فقد وعد الحزب بتخصيص دعم مالي مباشر للأسر الفقيرة والمتوسطة، وخلق مئات الآلاف من مناصب الشغل سنوياً، وتحسين أوضاع الصحة والتعليم. إلا أن الواقع أظهر بطئاً شديداً في تنزيل هذه البرامج، بل إن بعضها لم ير النور إلى اليوم، مما جعل الوعود تتحول إلى مادة للتشكيك في جدية الحكومة.
أزمة القدرة الشرائية: امتحان لم ينجح
أحد أكبر التحديات التي فشلت الحكومة في التعامل معها هو ارتفاع الأسعار. فمع موجة التضخم التي ضربت العالم، وجد المواطن المغربي نفسه يواجه غلاءً غير مسبوق في المواد الأساسية، فيما اكتفت الحكومة بتدابير ظرفية وبلاغات تطمينية لم تخفف العبء عن الأسر. هذا العجز في ضبط السوق عزز الانطباع بغياب رؤية اقتصادية حقيقية قادرة على حماية القدرة الشرائية.
تضارب المصالح: ملف يلاحق رئيس الحكومة
من الخروقات التي تثير الجدل أيضاً شبهة تضارب المصالح. فأخنوش، باعتباره رجل أعمال ومالكاً لمجموعة اقتصادية كبرى في مجال المحروقات، وجد نفسه مراراً في موقع مساءلة سياسية وأخلاقية، خاصة مع استمرار النقاش حول أرباح شركات المحروقات في ظل ارتفاع أسعار الوقود. ورغم محاولات الحكومة التأكيد على التزامها بالشفافية، فإن الغموض ظل يطبع هذا الملف الحساس.
العلاقة مع الإعلام: الصمت وشراء الولاءات
على مستوى تدبير التواصل، وُجهت للحكومة انتقادات بخصوص تهميش الصحافة المستقلة مقابل الاعتماد على إعلام مقرب أو صفحات تروج لإنجازات مشكوك فيها. تصريحات بعض الفاعلين، مثل اليوتيوبر رضا الطوجني الذي تحدث عن عروض مالية لشراء الصمت أو الولاء، زادت من تعميق الشكوك حول محاولات التحكم في الخطاب العمومي.
أزمة ثقة متفاقمة
تجتمع هذه الخروقات – من الفشل في تحقيق الوعود، إلى عجز مواجهة الغلاء، إلى شبهات تضارب المصالح – لتضع حكومة أخنوش أمام أزمة ثقة عميقة. فالمواطن لم يعد ينظر إلى البرامج الحكومية كحلول واقعية، بل كخطابات انتخابية فقدت قيمتها أمام ضغوط الحياة اليومية. ومع تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية وارتفاع المطالب بالمحاسبة، يطرح سؤال جوهري نفسه: هل تملك الحكومة الحالية القدرة على تصحيح مسارها، أم أن الفشل أصبح عنواناً ثابتاً لولايتها؟