التحريض على العنف والوحدة الترابية: قضية المواطنة الجزائرية بسلا تثير الجدل

بوشعيب البازي

أثارت قضية المواطنة الجزائرية المقيمة بمدينة سلا، والتي شاركت خلال الاحتجاجات الأخيرة بالرباط في التحريض على العنف والتخريب، جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والسياسية المغربية. فقد تداولت مقاطع مصوّرة لها وهي ترفع شعارات معادية للمغرب ولمؤسساته، وتتبنى خطاباً موجهاً ضد وحدته الترابية، وهو ما أثار استياءً كبيراً لدى الرأي العام.

بين حرية التعبير والتحريض على الفوضى

في الوقت الذي يضمن فيه المغرب حرية التعبير والتظاهر السلمي في إطار القانون، فإن دعوات التحريض على التخريب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة تضع أصحابها في مواجهة المقتضيات الجنائية. الخطاب الذي حملته المواطنة الجزائرية تجاوز حدود الرأي السياسي ليأخذ منحى عدائياً يمس بصورة مباشرة بأمن الدولة واستقرارها.

أبعاد سياسية حساسة

يأتي هذا الحادث في ظرفية دقيقة، إذ ما زالت العلاقات المغربية الجزائرية متوترة على خلفية قضية الصحراء المغربية، ما يجعل أي فعل معادٍ للوحدة الترابية يُقرأ في سياق سياسي إقليمي حساس. بعض المحللين يرون أن مثل هذه السلوكات الفردية، حتى وإن بدت معزولة، يمكن أن تستغل في حملات دعائية معادية للمغرب.

الدعوات إلى التدابير القانونية

تزايدت الأصوات المطالبة بضرورة تفعيل الإجراءات القانونية الصارمة في مواجهة هذه الواقعة، سواء عبر متابعة المعنية بالتحريض على العنف، أو عبر اتخاذ قرار بترحيلها إلى بلدها الأصلي، خاصة إذا ثبت أن نشاطها يحمل أبعاداً تتجاوز الاحتجاج الفردي إلى خدمة أجندات خارجية. فالمغرب، الذي راكم تجربة في حماية الحق في التظاهر السلمي، مطالب أيضاً بحماية وحدته الوطنية من أي خطاب تخريبي أو تحريضي.

مسؤولية المجتمع والحيطة اللازمة

تردّد اسم عبد الإله بنكيران في بعض النقاشات والمنشورات المنقولة حول هذه النازلة، حيث نشرت حسابات ومنابر رقمية تساؤلات وادعاءات تربط بين المواطنة المعنية وشخصيات سياسية بارزة، ومن بينها بنكيران، بل ذهب البعض إلى سؤال مباشر، هل كانت تتلقى توجيهات أو تعليمات؟

الهدف من هذا المسار لا يقتصر على إثبات أو نفي اتهامٍ معين ضد شخصية عامة، بل على تحديد المسؤوليات بدقة، وفصل العمل المدني والحقوقي عن أي محاولات للتوظيف السياسي أو الخارجي. كما ينبغي أن تُجرى هذه التحقيقات بشفافية واحترام للقانون وحقوق الدفاع، حتى تُعيد ثقة الرأي العام وتمنع استغلال الحراك الاجتماعي من قبل جهات داخلية أو خارجية

القضية تبرز أيضاً حاجة المواطنين المغاربة إلى التحلي بالوعي والحذر إزاء محاولات الاختراق التي تستهدف توجيه الحركات الاحتجاجية نحو مسارات عنيفة أو معادية للوطن. فالمعارك الكبرى التي يخوضها المغرب من أجل التنمية والديمقراطية لا يمكن أن تنجح إلا في إطار وحدة داخلية صلبة، تعزل الخطابات العدائية وتواجهها بالقانون والحجة.

إن حادث المواطنة الجزائرية في سلا يطرح أسئلة جوهرية حول حدود حرية التعبير، وأولويات حماية الأمن والوحدة الترابية. المطلوب اليوم ليس فقط اتخاذ إجراءات زجرية أو ترحيل من يثبت تورطه في التحريض ضد المغرب، بل أيضاً تعزيز الوعي المجتمعي وتحصين الفضاء العمومي من الأصوات التي تستهدف استقرار البلاد ومصالحها العليا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com