القنصلية المغربية بأنفيرس.. وجه جديد للدبلوماسية القنصلية

بوشعيب البازي

تعيش القنصلية العامة للمملكة المغربية في أنفيرس تحولاً لافتاً في أسلوب العمل والتدبير اليومي منذ تعيين القنصل العام منير قطيطو، الذي اختار أن يكون حضوره الميداني داخل المصلحة القنصلية أساساً لمنهج جديد قوامه القرب والشفافية وخدمة المواطن.

لم يعد المواطن المغربي المقيم في بلجيكا، وتحديداً في منطقة أنفيرس، بحاجة إلى انتظار طويل أو وساطات معقدة لإنهاء إجراءاته الإدارية. فاليوم، يجد زوار القنصلية طاقماً من الموظفين المنضبطين والنزهاء، يعملون بتنسيق مباشر مع القنصل العام، الذي يُتابع بنفسه سير العمل داخل مختلف المكاتب، ويسهر على حل الإشكالات التي تعترض المرتفقين.

من منطق الإدارة المغلقة إلى الإدارة المواطِنة

ما يميّز التجربة الحالية هو أن القنصل العام لم يتبنَّ النموذج التقليدي للمسؤول المنعزل في مكتبه، بل كسر الصورة النمطية التي لطالما ارتبطت بالعمل القنصلي في الماضي، حيث كان المواطن يشتكي من البيروقراطية وبعد المسؤولين عن الميدان.

القنصل منير قطيطو فضل نهجاً عملياً يقوم على العمل الجماعي، والتواصل الدائم مع المرتفقين والموظفين على حد سواء، مما جعل القنصلية تتحول إلى فضاء حيوي يعكس رؤية وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج القائمة على تجويد الخدمات القنصلية وتقريب الإدارة من المواطنين.

شهادات من قلب القنصلية

يقول أحد المواطنين الذين قصدوا القنصلية لتجديد جواز سفره:

«لم أتوقع أن أجد القنصل بنفسه في الاستقبال يوجه الناس ويستفسر عن سير العمل. كانت تجربة مختلفة تماماً عمّا عهدناه في السابق».

ويضيف آخر، جاء لاستخراج وثائق الحالة المدنية:

«كل شيء يتم بنظام واحترام. الموظفون يعرفون ما يطلب منهم، ويعملون بروح المسؤولية. لاحظت أن التنسيق بين القنصل والموظفين كبير، وهذا يجعل الأمور تسير بسرعة ووضوح».

هذه الشهادات، وغيرها، تؤكد أن المواطنة القنصلية أصبحت واقعاً لا شعاراً، بفضل انخراط الطاقم العامل بروح الخدمة العامة ووعيهم بأن واجبهم الأساسي هو خدمة أبناء الجالية قبل أي اعتبار آخر.

بصمة فؤاد القدميري.. إدارة بالتخطيط والرؤية

لا يمكن الحديث عن هذا التحول النوعي دون الإشارة إلى الدور المحوري الذي اضطلع به المدير القنصلي بوزارة الشؤون الخارجية، السيد فؤاد القدميري، الذي أرسى خلال السنوات الأخيرة منهجية جديدة في تدبير الشأن القنصلي، تقوم على التكوين المستمر للأطر، وتقييم الأداء، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

لقد ساهمت هذه الرؤية الاستراتيجية في إعادة هيكلة الممثليات القنصلية المغربية وفق منطق حديث، يضع المواطن في قلب العمل الدبلوماسي، ويجعل من القناصلة فاعلين ميدانيين لا إداريين فقط. ومن ثمار هذا التوجه، برزت تجارب ناجحة مثل تجربة القنصلية المغربية بأنفيرس، التي باتت نموذجاً في القرب الإداري والإنصات للمغاربة المقيمين بالخارج

رؤية وزارة الخارجية تتجسد ميدانياً

ما يجري داخل القنصلية العامة بأنفيرس يعكس توجهات واضحة لوزارة الشؤون الخارجية في عهد الوزير ناصر بوريطة، والتي تركز على إصلاح المرفق القنصلي وجعله أكثر نجاعة واحترافية.

لقد فقه الموظفون – كما يقول بعض المراقبين – ما تطلبه الوزارة منهم: خدمة المواطن المغربي في الخارج ليست ترفاً، بل واجباً وطنياً يندرج في إطار تعزيز الثقة بين الإدارة ومغاربة العالم، وتثمين انتمائهم لوطنهم الأم.

قنصلية في خدمة الوطن والمواطن

بهذا النهج العملي، أعاد القنصل العام منير قطيطو تعريف مفهوم المسؤولية القنصلية. فهو لا يدير مؤسسة بيروقراطية، بل يقود خلية عمل دبلوماسية مواطِنة، شعارها:

“النجاعة في الأداء، والكرامة في المعاملة، والوطنية في الخدمة.”

ولعل هذه الدينامية الإيجابية تجعل من قنصلية أنفيرس نموذجاً يمكن تعميمه في باقي الممثليات القنصلية للمملكة في أوروبا، حتى تظل الدبلوماسية المغربية قريبة من مواطنيها، ومعبّرة عن قيم الدولة الحديثة التي تضع الإنسان في صلب اهتماماتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com