صاحب السمو الملكي يستقبل أبطال العالم: المغرب يكتب فصلاً جديداً في تاريخ كرة القدم العالمية
بقلم: بوشعيب البازي
شهد القصر الملكي بالرباط يومًا استثنائيًا بكل المقاييس، إذ استقبل صاحب السمو الملكي مولاي الحسن، بعثة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة بعد تتويجهم التاريخي بكأس العالم للشباب، في إنجاز غير مسبوق رفع اسم المغرب عالياً بين كبار كرة القدم العالمية.
الاستقبال لم يكن مجرد لحظة بروتوكولية، بل تتويج لمسار وطني استثنائي جمع بين الطموح والانضباط وروح المسؤولية. فقد حرص ولي العهد، كعادته، على تقدير الجهود الوطنية الشابة التي صنعت مجداً جديداً للمغرب، مؤكداً أن “الانتصار الرياضي هو في جوهره انتصار للقيم، وللعمل الجماعي، وللإيمان بالوطن”.
احتفالات شعبية تجتاح الرباط
قبل الاستقبال الرسمي، جابت حافلة مكشوفة تقل لاعبي “أسود الأطلس” شوارع العاصمة الرباط وسط أجواء احتفالية غير مسبوقة.
تجمهر الآلاف على الأرصفة والساحات، يلوّحون بالأعلام الحمراء والنجوم الخضراء، ويهتفون بأسماء اللاعبين الذين منحوا المغرب لقب كأس العالم للشباب لأول مرة في تاريخه.
الرباط تحوّلت إلى ساحة وطنية كبرى، حيث امتزجت مشاعر الفخر الوطني بدموع الفرح، بعد مسيرة بطولية للمنتخب الشاب الذي أطاح بمنتخبات عالمية كبرى مثل إسبانيا، البرازيل، فرنسا، ثم الأرجنتين في النهائي المثير الذي ختم التتويج العالمي.
مسار بطولي… من التحدي إلى المجد
لم يكن طريق “أشبال الأطلس” إلى المجد مفروشاً بالورود. فقد واجه المنتخب المغربي في دور المجموعات إسبانيا بطلة نسخة 1999 والبرازيل صاحبة خمسة ألقاب عالمية، قبل أن يواصل طريقه بثبات نحو النهائي، متغلباً على كوريا الجنوبية، الولايات المتحدة، ثم فرنسا في نصف النهائي.
وفي المباراة النهائية، كتب التاريخ مجدداً عندما هزم الأرجنتين حاملة الرقم القياسي في عدد الألقاب (6 مرات)، ليصبح المغرب أول منتخب عربي يتوج بكأس العالم للشباب، وثاني منتخب إفريقي بعد غانا سنة 2009.
رسائل ملكية تتجاوز الرياضة
الاستقبال الملكي بعث رسائل عميقة تتجاوز البعد الرياضي المحض.
فمن خلال تكريمه للاعبين والطاقم التقني والإداري، أكد جلالة الملك أن الاستثمار في الشباب هو رهان استراتيجي للمغرب الجديد، وأن النجاح في الملاعب ما هو إلا مرآة لنجاح النموذج المغربي في التنمية، والانفتاح، والابتكار.
كما حرص واي العهد مولاي الحسن على التنويه بـالروح الوطنية العالية التي أبان عنها اللاعبون داخل الملعب وخارجه، والتي تجسدت في انضباطهم، وعملهم الجماعي، وإصرارهم على تمثيل الراية الوطنية بأفضل صورة.
المغرب… قوة صاعدة في كرة القدم العالمية
بهذا الإنجاز التاريخي، يعزز المغرب مكانته كقوة كروية صاعدة في الساحة العالمية، بعد الإنجاز الكبير الذي حققه المنتخب الأول في مونديال قطر 2022 ببلوغه نصف النهائي.
وها هو الجيل الشاب يواصل المشوار ذاته، مؤكداً أن مشروع كرة القدم الوطنية بات يستند إلى رؤية استراتيجية متكاملة، من مراكز التكوين إلى فرق النخبة، بإشراف من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ودعم مباشر من صاحب الجلالة.
إن تتويج منتخب أقل من 20 سنة بلقب عالمي ليس حدثاً معزولاً، بل هو ثمرة رؤية ملكية بعيدة المدى، تستثمر في الإنسان المغربي، وتؤمن بأن الرياضة جزء من بناء الهوية الوطنية الحديثة.
من القصر إلى التاريخ
حين صافح ولي العهد مولاي الحسن لاعبي المنتخب الشاب، كان المشهد يختزل قصة وطنٍ يؤمن بشبابه.
من شوارع الرباط التي غصّت بالجماهير، إلى القصر الملكي الذي فتح أبوابه لأبطال الغد، كتب المغرب صفحة جديدة في تاريخه الرياضي، عنوانها:
“الإيمان بالقدرة على المستحيل”.
لقد انتصر المغرب في الميدان، لكنه أيضاً انتصر في ترسيخ نموذج حضاري وإنساني، يجعل من الرياضة وسيلة للوحدة، والاعتزاز، وبناء المستقبل.