إيطاليا تعزز موقفها المؤيد للحكم الذاتي في الصحراء المغربية

بوشعيب البازي

روزاتو من الرباط: مبادرة المغرب هي الطريق الواقعي نحو السلام الدائم

في خطوة دبلوماسية جديدة تعكس تصاعد الدعم الأوروبي لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كحلٍّ نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء، استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، اليوم بالرباط، وفداً عن المجموعة البرلمانية الإيطالية لدعم مخطط الحكم الذاتي في الصحراء، برئاسة منسقها السيد إيتوري روزاتو.

الوفد الإيطالي عبّر، خلال هذا اللقاء، عن دعم بلاده الثابت والمتنامي للمبادرة المغربية، التي وصفها السيد روزاتو بأنها «مقترح سلام على المدى الطويل»، ينسجم مع مبادئ الواقعية والتوافق التي تؤكدها الأمم المتحدة في قراراتها المتعاقبة بشأن هذا الملف.

مبادرة الحكم الذاتي: تحول في الإدراك الأوروبي

زيارة الوفد البرلماني الإيطالي إلى الرباط تأتي في سياق تزايد الدعم السياسي الأوروبي للموقف المغربي، إذ تشهد السنوات الأخيرة انخراط عدد متنامٍ من الدول في دعم المقاربة المغربية القائمة على الواقعية السياسية والتنمية الميدانية في الأقاليم الجنوبية.

ويُلاحظ أن الموقف الإيطالي، الذي كان تقليدياً متحفظاً في السابق، بدأ يتطور نحو تبنٍّ أكثر وضوحاً لمبادئ المقترح المغربي، انسجاماً مع التحولات التي تعرفها السياسة الخارجية الأوروبية، ولا سيما بعد المواقف الإيجابية الصادرة عن إسبانيا، ألمانيا، هولندا، وهنغاريا.

ويرى مراقبون أن هذا التقارب الإيطالي الجديد يعكس وعياً متزايداً في أوروبا بأن مبادرة الحكم الذاتي هي الإطار الوحيد القابل للتطبيق، بعد أن أثبتت الأطروحات الانفصالية فشلها العملي والسياسي. كما يأتي في وقت يعرف فيه شمال إفريقيا تحولات جيوسياسية متسارعة، تجعل من استقرار الصحراء المغربية شرطاً أساسياً لأي توازن إقليمي.

روزاتو: «المغرب شريك استراتيجي لأوروبا»

خلال لقائه بالسيد بوريطة، شدّد السيد إيتوري روزاتو، وهو نائب رئيس مجلس النواب الإيطالي السابق، على أن المغرب يُعدّ «شريكاً استراتيجياً لإيطاليا وللقارة الأوروبية بأكملها»، مؤكداً أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تمثل «أساساً متيناً لتحقيق الاستقرار والتنمية المشتركة في المنطقة».

وأضاف المسؤول الإيطالي أن القيادة المغربية أظهرت نضجاً سياسياً واستشرافاً استراتيجياً من خلال طرح مبادرة تحافظ على الوحدة الترابية للمملكة، وفي الوقت نفسه تمنح سكان الصحراء إطاراً واسعاً لتدبير شؤونهم المحلية ضمن السيادة المغربية.

بوريطة: دعم متزايد وتحوّل في المقاربة الدولية

من جانبه، رحّب السيد ناصر بوريطة بموقف المجموعة البرلمانية الإيطالية، معتبراً أنه يكرّس منطقاً دولياً جديداً يقوم على دعم الحلول الواقعية والمستدامة بدل الخطابات الإيديولوجية القديمة. وأكد الوزير أن مبادرة الحكم الذاتي، التي قدمها المغرب سنة 2007، تحظى اليوم بدعم أكثر من 85 دولة حول العالم، وهو ما يعبّر عن قناعة متزايدة بجدواها السياسية والإنسانية.

وأشار بوريطة إلى أن التحولات الإقليمية التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء تبرز أهمية المبادرة المغربية في بناء نموذج للتنمية والاستقرار يمتد جنوباً نحو العمق الإفريقي، في وقت يتزايد فيه خطر التنظيمات الانفصالية والمسلحة في الجوار الإقليمي.

تحليل: من دعم سياسي إلى تراكم استراتيجي

زيارة الوفد البرلماني الإيطالي تمثل أكثر من مجرد خطوة رمزية؛ فهي تندرج ضمن مسار دبلوماسي متراكم يُعزّز الموقف المغربي داخل أوروبا، ويُترجم تحولاً تدريجياً من الدعم السياسي إلى الشراكة الاستراتيجية في مجالات الأمن، الطاقة، والهجرة.

كما تعكس هذه الدينامية نجاح الدبلوماسية المغربية في بناء شبكة من التفاهمات البرلمانية والأوروبية تتجاوز المواقف الرسمية للدول، وتستند إلى رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة المغاربية كفضاء موحد ومستقر.

من الرباط إلى روما، تتأكد يوماً بعد آخر قناعة أوروبية متزايدة بأن مبادرة الحكم الذاتي المغربي ليست مجرد خيار سياسي، بل مشروع سلام إقليمي طويل الأمد. وبينما يواصل المغرب توسيع دائرة التأييد الدولي لمقترحه، يبرز الموقف الإيطالي الجديد كحلقة إضافية في سلسلة الدعم المتصاعد الذي يعيد رسم ملامح التوازن الدبلوماسي في قضية الصحراء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com