القرار 2797 حول الصحراء المغربية: الدبلوماسية الملكية في قلب تحول تاريخي

بوشعيب البازي

Screenshot

كشف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن كواليس دبلوماسية دقيقة سبقت اعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للقرار رقم 2797 المتعلق بقضية الصحراء المغربية.

وفي حوار خاص بثّته القناة الثانية مساء السبت فاتح نونبر 2025، وصف بوريطة القرار بأنه «تاريخي بكل المقاييس»، مؤكداً أنه ثمرة مجهود متواصل قاده جلالة الملك محمد السادس شخصياً على مدى ستة وعشرين عاماً، تجسيداً لرؤية استراتيجية بعيدة المدى في إدارة هذا الملف الوطني.

قرار أممي صاغته بصمة ملكية مباشرة

وأوضح الوزير أن الملك محمد السادس تدخّل بشكل مباشر في مراحل حاسمة من المداولات داخل مجلس الأمن، من خلال اتصالات رفيعة المستوى مع عدد من قادة الدول المؤثرة، ساهمت في ترجيح الكفة لصالح الموقف المغربي وتعزيز الإجماع الدولي حول مضامين القرار.

وقال بوريطة إن القرار 2797 «أكّد مجدداً وجاهة مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد وواقعي للنزاع الإقليمي»، مبرزاً أن تأجيل التصويت على القرار من يوم الخميس إلى الجمعة كان مرتبطاً باعتبارات تقنية ودبلوماسية دقيقة تخص صياغة النص وضبط توازن المواقف بين الأعضاء الدائمين في المجلس.

من مخطط التسوية إلى خيار الحكم الذاتي: مسار رؤية ملكية

اعتبر بوريطة أن القرار الأممي الأخير يمثل منعطفاً وقطيعة مع مراحل سابقة من تدبير الملف، مستحضراً أن «النقاش في أواخر التسعينيات كان يدور حول مخطط التسوية والاستفتاء الذي تضمن خيار الانفصال».

وأوضح أن الملك محمد السادس بدأ منذ عام 1999 في البحث عن مخرج واقعي من هذا المسار المتعثر، لتظهر لاحقاً مبادرة الحكم الذاتي سنة 2004، التي أصبحت منذ 2007 المرجعية الوحيدة والمعترف بها دولياً لحل النزاع.

وأضاف الوزير أن العمل الملكي انتقل بعد ذلك إلى مرحلة جديدة قوامها ترسيخ مبادرة الحكم الذاتي كمرجع أساسي في مواقف الدول والمؤسسات الدولية، وهو ما تُرجم بتزايد الدعم الدولي والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.

وشدد بوريطة على أن هذه النتائج لم تكن نتاج تحركات ظرفية، بل ثمرة لتخطيط استراتيجي طويل الأمد ورؤية ملكية دقيقة تقوم على المتابعة المباشرة والتدخل في اللحظات الحاسمة.

«لا غالب ولا مغلوب»… دعوة ملكية للحوار الإقليمي

وفي الجانب السياسي الإقليمي، أكد بوريطة أن الملك محمد السادس لا يعتبر اعتماد القرار الأممي انتصاراً دبلوماسياً على أطراف أخرى، بل «لحظة مسؤولية وتبصّر سياسي»، مشيراً إلى أن جلالته شدد على مبدأ «لا غالب ولا مغلوب»، وأن المرحلة المقبلة يجب أن تؤسس لـ«حوار صادق وبنّاء مع الجزائر» من أجل تجاوز الخلافات وفتح صفحة جديدة من التعاون المغاربي.

وأضاف الوزير أن «المغرب اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق انفراج إقليمي»، مشيراً إلى أن غياب أي معارضة داخل مجلس الأمن للقرار الأممي الأخير سيبقى موثقاً في سجلات الأمم المتحدة، باعتباره «لحظة توافق دولي نادرة تؤكد مصداقية المقاربة المغربية وواقعية الحل المقترح».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com