حكيم زياش خارج حسابات الركراكي والسكتيوي: حلم “الكان” يتبخر ومصير غامض لعودة النجم المثير للجدل
يوسف لفرج
الرباط – في قرار فاجأ الشارع الرياضي المغربي، أعلن مدرب المنتخب الأول وليد الركراكي ونظيره في المنتخب الرديف طارق السكتيوي، عن قائمتي اللاعبين المشاركين في كأس أمم إفريقيا بالمغرب وكأس العرب 2025 في قطر، دون أن تضمّ أيّاً منهما اسم النجم حكيم زياش، العائد حديثاً إلى الدوري المغربي عبر بوابة الوداد الرياضي.
قرار غيابه، الذي وصفه محللون بـ”الصفعة الكروية”، يطرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل اللاعب الدولي الذي ظلّ أحد أبرز رموز “أسود الأطلس” خلال العقد الأخير.
غياب مزدوج ورسالة غير معلنة
تأكيد غياب زياش عن قائمتي المنتخبين الأول والرديف مثّل ضربة موجعة لآماله في العودة إلى الواجهة الدولية، خاصة بعد أن رُوّج في الأيام الأخيرة أنّ السكتيوي نسّق مع الركراكي من أجل إشراكه مع المنتخب الرديف، لتأهيله بدنيًا وتقنيًا قبل “الكان”.
لكن الكشف عن اللائحة النهائية التي خلت من اسمه أنهى كل التكهنات، وكرّس واقعًا جديدًا عنوانه: القطيعة الفنية بين زياش وعرين الأسود.
مصادر مقربة من الجهاز الفني أوضحت أن استبعاده يعود إلى ضعف جاهزيته البدنية، إذ بالكاد استأنف تدريباته مع الوداد، فيما يعرف السكتيوي بصرامته في اختيار لاعبين يملكون “إيقاع المنافسة الفعلية”.
مصدر إعلامي أكّد للصحيفة أنّ “الحديث عن رفض زياش للالتحاق بالرديف مجرد تأويلات، فالمنتخب المغربي لا تُرفض دعوته، لكن منطق الجاهزية فرض استبعاده هذه المرة”.
رهان العودة إلى الوداد لم يؤت ثماره
كان انضمام زياش إلى الوداد الرياضي بمثابة مغامرة العودة إلى الجذور، وخطوة أراد من خلالها استعادة اللياقة والثقة على أمل اللحاق بـ“كان 2025”.
فقد راهن اللاعب على أن قربه من الركراكي، الذي سبق أن درّب الوداد، سيساعده على العودة التدريجية إلى المنتخب الأول. غير أن تجاهله من القائمتين يُعدّ مؤشراً على أن “الحلم تأجل، وربما تبخر”.
ويقول أحد المتابعين للشأن الكروي إن “زياش أراد أن يراهن على الرمزية والعاطفة، لكن الكرة الحديثة لا تعرف المجاملة. الركراكي والسكتيوي اختارا المنطق الرياضي البحت، المبني على الجاهزية والمردودية لا على الأسماء”.
متلازمة “الكان”: لعنة لا تفارق زياش
مسيرة حكيم زياش مع كأس أمم إفريقيا تشبه رواية درامية متكررة الفصول. فمنذ قرر تمثيل المغرب قبل نحو عشر سنوات، لم يشارك في نسختين متتاليتين من البطولة القارية.
غاب عن نسخة 2017 بسبب خلافه الشهير مع هيرفي رونار، وعاد في كان 2019 بمصر ليهدر ركلة جزاء أخرجت الأسود أمام بنين، ثم أعلن اعتزاله الدولي قبل أن يتراجع عن قراره.
في نسخة الكاميرون 2021، دخل في خلاف جديد مع وحيد خليلوزيتش فاستُبعد مجددًا، ليعود في كان 2023، حيث أصيب أمام زامبيا وغاب عن مباراة الإقصاء ضد جنوب إفريقيا.
واليوم، تلاحقه اللعنة ذاتها في طريق “كان 2025” الذي يُقام على أرضه، وكأنّ زياش يعيش بالفعل ما وصفه المراقبون بـ**“متلازمة الكان”**: يحضر نسخة ويغيب عن التي تليها.
منتخب الرديف… منصة جديدة وطموح التتويج
في المقابل، حملت قائمة المنتخب الرديف التي أعلنها طارق السكتيوي إشارات واضحة إلى الطموح نحو التتويج بكأس العرب. فقد ضمّت أسماء لامعة من الدوري المغربي ومن دوريات عربية كالسعودية ومصر والخليج، على غرار عبدالرزاق حمدالله ووليد الكرتي وربيع حريمات، ما يعكس نية المدرب في المزج بين الخبرة المحلية والاحترافية الخارجية.
السكتيوي، المتوج بلقب “الشان” مع المحليين، أكد في تصريحات سابقة أن الهدف هو “تحقيق اللقب لا المشاركة فقط”، في وقت يرى محللون أن التشكيلة الجديدة تشكّل مختبراً لتجديد دماء المنتخب الأول مستقبلاً.
الركراكي: “سعيد بعودة زياش… ولو خارج المنتخب”
في خضم الجدل، حرص الركراكي على تهدئة الأجواء، مبدياً اعتزازه بعودة زياش إلى الملاعب عبر الوداد، معتبراً ذلك مكسباً للكرة المغربية. وقال:
“أيّ شخص سيكون سعيداً برؤية حكيم زياش في الميدان. نتمنى له التوفيق، فهو من بين أفضل من أنجبتهم الكرة المغربية. وعودته ستعطي دفعة قوية للدوري المحلي وللمنتخب على المدى البعيد.”
كلمات الركراكي حملت نبرة تقدير، لكنها لم تُخفِ الرسالة الضمنية: العودة إلى الأسود لا تمرّ إلا عبر الجاهزية الكاملة والمردودية الثابتة.
بين الغياب والرهان الجديد
استبعاد حكيم زياش من قائمتي المنتخبين الأول والرديف يفتح صفحة جديدة في مسيرته، عنوانها إعادة بناء الذات قبل المطالبة بالمكانة.
فبعد أن كان رمزاً للجيل الذهبي، يجد نفسه اليوم أمام اختبار النضج الرياضي: هل يعود عبر بوابة العطاء في الميدان، أم يكتفي بلعب دور “الاسم الكبير” الذي فقد بريقه؟
في كل الأحوال، يبدو أن زياش لا يزال يحتفظ برصيد كبير من التعاطف الشعبي، لكن الكرة، كما يؤكد المراقبون، “لا تعترف بالماضي بل بالحاضر”.