لا حظر بلجيكياً على زيت “وادي سوس” المغربي… مجرد شائعة تضخّمت على منصّات التواصل

بوشعيب البازي

يكفي أحياناً أن تُنشر رسالة قصيرة على منصّات التواصل الاجتماعي حتى تشتعل الفضاءات الرقمية. هذا بالضبط ما حدث خلال الساعات الماضية بعد تداول ادعاءات تفيد بأن بلجيكا منعت تسويق زيت الزيتون المغربي “وادي سوس”. وفي وقت قياسي، انتشر الخبر مصحوباً بمقاطع فيديو وتعليقات تحذّر من “فضيحة صحية كبرى”.

لكن العودة إلى المعطيات الرسمية، سواء من الجانب البلجيكي أو المغربي، تكشف صورة مختلفة تماماً عمّا جرى تداوله.

تحقّق ضروري في مواجهة موجة التضليل

باشرت هيئة التحرير تحقيقاً اعتمد على مصادر رسمية بلجيكية، أبرزها الوكالة الفيدرالية لسلامة السلسلة الغذائية (AFSCA). ووفق بيان صادر عنها بتاريخ 14 نوفمبر 2024، فقد تم بالفعل سحب دفعة محدودة جداً من زيت “وادي سوس” كانت معروضة في محل تجاري محلي ببلجيكا.

لكن الأهم – وهو ما تجاهلته المنشورات المتداولة – أن الوكالة شدّدت على أن الإجراء يخصّ ذلك الدفعة فقط، ولا يعني أي منع شامل لمنتجات العلامة في السوق البلجيكية.

اتصال مباشر مع السلطات البلجيكية: “لا يوجد أي حظر”

ضمن مسار التحقق، تواصلت الجريدة مباشرة مع المصالح المختصة داخل الوكالة الفيدرالية لسلامة السلسلة الغذائية. وأكدت هذه الأخيرة بشكل صريح أنه لا يوجد إلى حدود اليوم أي قرار يحظر زيت “وادي سوس” أو أي منتج مشابه من أصل مغربي.

Screenshot

موقف “أونسا”: لا شحنات مُرتجَعة ولا مشاكل صحية

على الجانب المغربي، أصدر المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) بياناً بتاريخ 6 نوفمبر 2024، نفى فيه الروايات القائلة بعودة شحنات من زيت الزيتون المغربي من بلجيكا.

وأوضح المكتب أن الأمر يتعلق فقط بـ سحب محدود بسبب ملاحظات تقنية تخصّ الملصقات، ولا علاقة له بجودة الزيت أو سلامته الصحية.

كما ذكّر “أونسا” بأن الزيت المغربي الموجّه نحو الاتحاد الأوروبي يخضع لسلسلة صارمة من المراقبة، سواء داخل المغرب أو عند وصوله إلى الموانئ الأوروبية، في إطار شراكة صحية معتمدة بين الرباط وبروكسيل.

Screenshot

مثل هذه الحالات شائعة في التجارة الدولية، إذ تجري عمليات سحب محدودة أسبوعياً في أوروبا لمنتجات من مختلف الدول، بما فيها دول أوروبية نفسها، عند تسجيل أي مخالفة تقنية أو إدارية.

غير أن بعض الصفحات على شبكات التواصل قامت بتحويل سحب دفعة واحدة إلى “حظر شامل”، الأمر الذي غذّى سردية سلبية حول المنتجات المغربية.

بين الصرامة الصحية والحرب على السمعة

تسلّط هذه الواقعة الضوء على التحديات التي تواجهها العلامات المغربية المصدّرة، خصوصاً في القطاعات الحساسة مثل الصناعات الغذائية.

Screenshot

ورغم الضجة الكبيرة، لم تُصدر أي جهة بلجيكية إنذاراً صحياً عاماً، ولا يزال زيت “وادي سوس” متاحاً قانونياً في الأسواق البلجيكية.

الحديث عن “منع” زيت الزيتون المغربي في بلجيكا لا أساس له من الصحة، وما جرى ليس سوى نموذج جديد لكيفية تضخيم معلومة ناقصة وتحويلها إلى “فضيحة” عبر وسائل التواصل.

إنها واقعة تذكّرنا، مرة أخرى، بأنه في عصر السرعة الرقمية تنتشر الشائعة أسرع بكثير من أي بيان رسمي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com