حركة “صحراويون من أجل السلام” تطلب الانضمام إلى المفاوضات… ومحللون: مسار جديد يضعف احتكار بوليساريو للتمثيل
بمجدي فاطمة الزهراء
جددت “حركة صحراويون من أجل السلام”، أحد أبرز التنظيمات المنشقة عن جبهة بوليساريو، دعوتها إلى الانضمام إلى المفاوضات التي تعمل الأمم المتحدة على استئنافها لإيجاد حل نهائي لنزاع الصحراء المغربية.
الدعوة جاءت في رسالة رسمية وجّهها الحاج أحمد باريكلى، السكرتير الأول للحركة، إلى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، شدّد فيها على ضرورة “دمقرطة العملية السياسية” بوصفها مدخلاً ضرورياً لكسر حالة الجمود التي طبعت الملف لعقود.
دمقرطة المسار الأممي وتوسيع دائرة الفاعلين
وشددت الحركة في رسالتها على “الصعوبات والعوائق التي ينبغي تجاوزها”، مؤكدة أن توسيع قاعدة الفاعلين الصحراويين يمثّل شرطاً أساسياً لنجاح أي مسار تفاوضي قد تقوده الأمم المتحدة مستقبلاً.
وهي إشارة مباشرة إلى ما تعتبره الحركة “احتكاراً غير مشروع” من طرف جبهة بوليساريو لتمثيل الصحراويين، في ظل تراجع شعبيتها داخل مخيمات تندوف وظهور أطياف صحراوية مدنية معارضة.
وكان وفد من الحركة قد شارك في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، مقدماً ما اعتبره “طريقاً ثالثاً” يتجاوز الصراع الثنائي التقليدي بين الرباط وبوليساريو، ويرتكز على حلول واقعية ضمن إطار الحكم الذاتي.
قرار مجلس الأمن 2797 يحدد أطراف التفاوض
التحرك الجديد للحركة يأتي في سياق متغير، خصوصاً بعد صدور قرار مجلس الأمن 2797 بتاريخ 31 أكتوبر 2025، الذي حدّد الأطراف المعنية بالمفاوضات المستقبلية: المغرب، جبهة بوليساريو، الجزائر، وموريتانيا، في تأكيد إضافي على البعد الإقليمي للنزاع وتداخل أطرافه المباشرة وغير المباشرة.
بوشعيب البازي : سيناريوهات أمنية محتملة إذا استمر التعطيل
ويرى االبازي، الكاتب و الصحفي ، أن استمرار رفض بوليساريو والجزائر المشاركة في المفاوضات على أساس الحكم الذاتي “سيؤدي إلى بروز عدة سيناريوهات أمنية”.
وأوضح في تصريح له أن من بين هذه السيناريوهات:
- استمرار التصعيد المحدود عبر عمليات رمزية أو مناوشات على طول الجدار الأمني دون انزلاق إلى حرب مفتوحة؛
- تزايد العزلة السياسية ثم العودة التدريجية إلى التفاوض تحت ضغط دولي، في ظل تراجع الدعم الخارجي للجبهة.
وأضاف البازي أن من المعطيات الجوهرية في أي نقاش حول بوليساريو أن الجبهة “لا تعكس تمثيلية حقيقية للصحراويين”، موضحاً أن “نسبة مهمة من قادتها ينحدرون من الجنوب الجزائري وموريتانيا وشمال مالي ودول الساحل، وهو ما تؤكده الأرشيفات الميدانية”.
وأكد أن قضية الصحراء المغربية “ليست ملفاً تقنياً أو موضوعاً للمزايدات السياسية”، بل هي قضية سيادة وطنية وهوية استراتيجية، وأن المطلوب هو “خطاب وطني موحد يرفض أي تبرير للمشروع الانفصالي ويدين التطبيع مع خطاب الجريمة السياسية والإرهاب”.
الحركة: القرار الأممي نقل النقاش من “القضية الاستعمارية” إلى “الحل السياسي”
كما شدد البازي على أهمية التحول الذي كرسه قرار مجلس الأمن الأخير، مؤكداً أنه “نقل مركز الثقل في النقاش من زاوية قضية استعمارية مزعومة إلى ضرورة إيجاد حل سياسي متوافق عليه”.
وفي مقابلة مع صحيفة “لا بروفينسيا” الإسبانية، قال باريكلى إن “الحوار والتفاوض قادران على إنتاج صيغة حكم ذاتي مقبولة”، مضيفاً:
“لا توجد بدائل أخرى. الخيار العسكري مستبعد تماماً، والعقلانية تفرض البحث عن تسوية لا غالب فيها ولا مغلوب”.
ودعا إلى “الخروج من فقاعة الماضي”، معتبراً أن جبهة بوليساريو “ما زالت عالقة في منطق السبعينيات”.
حركة تصطدم باحتكار تمثيلي وتفرض واقعاً جديداً
مع تزايد الدعم الدولي للحلول السلمية، تبرز “حركة صحراويون من أجل السلام” كفاعل مدني يسعى إلى توسيع دائرة التمثيل الصحراوي داخل المسار الأممي، وخاصة في ضوء التأكيد الدولي المتزايد على واقعية مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
ويؤكد محمد الطيار أنّ الجزائر وبوليساريو يواجهان “مفترقاً حاسماً لا ثالث له”، يتمثل في:
- الانخراط الجدي في المسار السياسي المؤطر بقرارات مجلس الأمن والمبادرة المغربية للحكم الذاتي،
- أو مواجهة العزلة الدولية، بما في ذلك احتمال تصنيف بوليساريو كمنظمة إرهابية واعتبار الجزائر “دولة راعية للإرهاب”، وما قد يترتب عن ذلك من تبعات دبلوماسية واقتصادية.
رسالة الحركة إلى دي ميستورا: لا نريد تضييع فرصة تاريخية
وفي رسالتها إلى دي ميستورا، أكدت الحركة أنها تمثل “جزءاً مهماً ومتنامياً من المجتمع الصحراوي”، معلنة رفضها لأي انسحاب من العملية السياسية في “لحظة حاسمة كهذه”.
وجاء في الرسالة:
“إن تضييع هذه الفرصة التاريخية، المدعومة من قوى دولية رئيسية، يشكل تنصلاً من الالتزامات تجاه المجتمع الدولي. ثمن أي انسداد جديد سيدفعه مباشرة سكان مخيمات تندوف الذين ينتظرون منذ خمسين عاماً حلاً لقضيتهم.”
تبدو حركة صحراويون من أجل السلام اليوم أكثر حضوراً في الساحة الدبلوماسية بفضل تحول دولي واضح نحو الحلول الواقعية، وتراجع خطاب الحرب الذي تبنته بوليساريو لعقود.
ومع اقتراب جولة المفاوضات الجديدة، يطرح دخول الحركة إلى الطاولة أسئلة جوهرية حول إعادة هيكلة التمثيلية الصحراوية، وفتح الباب أمام مسار سياسي أوسع قد يسرّع الوصول إلى تسوية نهائية لنزاع يعدّ من الأطول في القارة الإفريقية.
إذا رغبت، يمكنني إعداد نسخة مختصرة، أو نسخة بمقدمة أكثر حدة وفق الأسلوب الصحفي الذي تعتمد عليه الصحيفة التي ستنشر المقال.