المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة… تغيير في الواجهة فقط

بوشعيب البازي

Screenshot

مصطفى شنضيض رئيسًا… والبقية تأتي (أو بالأحرى، لا تأتي أبدًا)

يبدو أن مسلسل «التغيير» في المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة قد دخل موسمه الجديد، لكن بلا حبكة جديدة، ولا أبطال جدد، ولا حتى ديكور مغاير. فقط تم تغيير الممثل الرئيسي: مصطفى شنضيض بدل الطاهر التجكاني… أما الكومبارس؟ فهم هم. الوجوه ذاتها، والوجاهات ذاتها، والعقليات ذاتها، وكأن المؤسسة تسير وفق قاعدة ذهبية، “إذا لم ينجح الفريق السابق… احتفظ به!”

ولأننا في أوروبا ، حيث كل شيء يتحرك، من القطارات إلى الأفكار — فإن المجلس وحده يبدو ثابتًا في مكانه، كأنه قطعة متحفية وُضعت خلف زجاج مضاد للتغيير.

رئيس جديد… ببرنامج قديم (جداً)

حين تم تعيين مصطفى شنضيض خلفًا للطاهر التجكاني، هلل البعض وبشّر ببعث جديد للمجلس، وظنّ آخرون أن مرحلة «السبات العميق» قد انتهت. لكن بعد أسابيع قليلة، تبيّن أن كل شيء كان مجرد تغيير في اللافتة، بينما الجوهر كما هو:

  • نفس الوجوه؛
  • نفس الذهنيات؛
  • نفس “الخبراء” الذين لم ينجحوا في شيء؛
  • نفس طرق التسيير التي سقط بسببها التجكاني سقوطًا حُرًّا.

الفرق الوحيد؟ أن التجكاني كان معَيَّنًا بظهير ملكي… أمّا شنضيض، فحتى الظهير لم يصل بعد. أي أن الوضع مؤسساتيًا ما يزال في المنطقة الرمادية، عندنا رئيس، وطاقم، ومقرّ، ومجلس… لكن بلا شرعية مكتملة.

ومع ذلك، لم يمنعهم هذا «التفصيل الصغير» من الاستمرار في العمل كما لو أن شيئًا لم يكن.

المجلس… مؤسسة تنام باطمئنان عميق

على الورق، يفترض بالمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة أن يكون الذراع الديني الناعم للمغرب في أوروبا، وخط الدفاع الأول عن النموذج المالكي الوسطي، ومؤسسة فاعلة تؤطّر الجيلين الثاني والثالث. لكن على الأرض، يكاد المتتبع يرى مؤسسة تعمل وفق شعار:

“اجتماعات كثيرة… نتائج قليلة… وحضور ميداني منعدم.”

فالمجلس لا يُرى في المساجد، ولا يُسمَع في النقاشات الدينية، ولا يظهر في الساحة الثقافية، ولا حتى في الأزمات الفكرية التي تحتاج إلى حضور مرجعية واضحة.

وعندما يرتفع المد الشيعي في بلجيكا وهولندا وفرنسا؟ وعندما تتمدد الحسينيات وتطلق نشاطاتها؟ وعندما يقرع التطرف أبواب الشباب الهش؟ كل ذلك يمرّ… والمجلس يتأمل، ويصمت، ويأمل أن يمرّ العاصف دون أن يوقظه أحد.

هل غير شنضيض شيئًا؟ للأسف… لا

الآمال كانت معلقة على أن الرئيس الجديد سيُقْدِم على تغيير جذري. لكن المفاجأة تكمن في أنه اختار الاحتفاظ بالطاقم ذاته الذي ورثه من التجكاني، حتى ذلك الطاقم الذي لم ينجح في شيء سوى… الفشل المنهجي.

فكيف يمكن انتظار نتائج جديدة بأدوات قديمة؟

وكيف يمكن إحياء مؤسسة بوجوه أصبحت جزءًا من المشكلة، لا من الحل؟

بل كيف يمكن إقناع الجالية المغربية بأن شيئًا تغير… بينما الجميع يرى أن لا شيء تحرك؟ المجلس يشبه اليوم مطعمًا تبدّل طاهيه، لكن المطبخ ما يزال نفسه، نفس القدور المحروقة، ونفس الوصفات البائتة، ونفس الطهاة الذين لا علاقة لهم بفن الطبخ.

خطر التمدد الشيعي… والمجلس الغائب الأكبر

في بلجيكا وحدها، تشير التقديرات إلى ما بين ٥٠٠٠ و٧٠٠٠ مغربي يتعاطفون أو ينخرطون في التيار الشيعي. الأحياء معروفة، المراكز معروفة، الحسينيات معروفة… وحتى التمويلات معروفة. إيران ولبنان حضران بقوة في المشهد الدعوي الشيعي، بينما المغرب… غائب بالتمام والكمال. الحسينيات تنشط، الدروس تُلقى، الشباب يُستقطب… والمجلس؟

يكتفي بتغيير رئيسه، والاحتفاظ بالطاقم، واستعادة الروتين القديم الذي أوصله إلى أضعف حالاته.

إن التمدد الشيعي اليوم ليس مجرد أخبار عابرة؛ إنه واقع يومي يتوسع في بروكسل وشارلوروا وأندرلخت ومولمبيك… بينما المجلس يعيش في عالم موازٍ لا علاقة له بما يجري على الأرض. التوجكاني سقط… وشنضيض يكرر الوصفة نفسها

حين سقط التجكاني، لم يسقط بسبب مؤامرة، ولا بسبب مزاج إعلامي، بل بسبب تدبير فاشل، وغياب رؤية، وتراكم أخطاء.

لكن شنضيض — بدل أن يتعلم الدرس — اختار الطريق الأسهل:

الاستمرار في نفس المسار، بنفس الأشخاص، بنفس أسلوب “التسيير من بعيد”. الفرق الوحيد هو أن التجكاني كان على الأقل مُعيّنًا بظهير، بينما شنضيض يسير «على النية». مؤسسة مهددة بأن تتحول إلى ديكور رسمي، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فالمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة مهدد بأن يصبح:

  • مؤسسة بلا تأثير،
  • جهازًا بلا روح،
  • اسما بلا مضمون،
  • وواجهة رسمية لا علاقة لها بالواقع الديني في أوروبا.

إن الجالية المغربية تحتاج إلى مؤسسة حقيقية، ميدانية، نشيطة، ذات رؤية وجرأة… لا إلى مجلس يمارس «التأطير بالنوايا الطيبة».

 التغيير الحقيقي يبدأ من الوجوه… لا من الألقاب

قد لا تكون مشكلة المجلس في الرئيس وحده، بل في المنظومة بأكملها.

وما لم يُفتح الباب أمام دماء جديدة، ووجوه شابة، ونخب قادرة على فهم تحديات الجيلين الجديدين، فإننا سنستمر في رؤية نفس المشهد:

رئيس جديد… بمجلس قديم… ونتائج قديمة.

وحتى ذلك الحين… سيظل التمدد الشيعي يتقدم، والخطاب المتطرف يجد مساحات فارغة، والجالية تبحث عن مرجعية حقيقية… بينما المجلس، كالعادة، ينتظر موعد الاجتماع المقبل.

وهكذا تستمر القصة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com