وقفة بروكسيل… حين تكتب الجالية المغربية بلغة الوفاء قصة المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال
بوشعيب البازي
بروكسيل – في مشهد جمع بين الذاكرة الوطنية والولاء للوطن، نظّمت جمعية “أليانس” البلجيكية وقفة رمزية أمام البرلمان الأوروبي احتفاءً بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة وعيد الاستقلال، بمشاركة فعاليات مدنية قدمت من بلجيكا وهولندا وألمانيا، لتؤكد مرة أخرى أن الارتباط بالوطن الأم ليس جغرافيا فقط، بل شعور دائم يسكن القلوب مهما تباعدت المسافات.
منذ الساعات الأولى لصباح اليوم السبت، تجمّع العشرات من أبناء الجالية المغربية أمام مبنى البرلمان الأوروبي، في ساحة تتقاطع فيها رمزية الفعل الديمقراطي الأوروبي مع زخم الذاكرة المغربية. كانت الأعلام الوطنية ترفرف في أيدي المشاركين، بينما ترددت شعارات تشيد بالعرش العلوي المجيد وتعبّر عن التلاحم التاريخي بين المواطنات والمواطنين المغاربة وملكتهم ووطنهم.
رسالة ولاء وامتنان… من أوروبا إلى الرباط
اللافت في هذه الوقفة لم يكن فقط حجم المشاركة، بل طبيعة الرسائل التي حملتها. فالمشاركون عبروا بشكل واضح عن امتنانهم للمؤسسة الملكية التي يعتبرونها “صمام الأمان” و”الضامن لوحدة البلاد واستقرارها”، مؤكدين أن الذكرى المزدوجة للمسيرة الخضراء وعيد الاستقلال ليست مجرد مواعيد سنوية، بل محطات لإعادة تجديد العهد بين الجيل الأول من المهاجرين وأبنائهم من الجيلين الثاني والثالث.
وفي كلمة لاخبارنا الجالية شددت بالمناسبة، السيدة كنزة الكبيسي عن جمعية مغاربة من أجل الديمقراطية والحرية بألمانيا على أنّ الجالية المغربية في أوروبا تظل جزءاً من المعادلة الوطنية، سواء عبر الدفاع عن القضايا العادلة للمملكة أو من خلال التعبئة الدائمة لمواجهة حملات التضليل التي تستهدف وحدتها الترابية.

مغربية الصحراء… إجماع يتخطّى الحدود
جانب مهم من الوقفة خُصّص للتذكير بالدعم المتزايد الذي تحظى به المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، والتأكيد على أن مغاربة العالم يُعدّون أحد أهم روافع الدفاع عن الوحدة الترابية في المنتديات الأوروبية والدولية.
ورغم تعدد اللافتات والرسائل، اتفقت جميعها على نقطة مركزية: الصحراء جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية، وهو موقف يجد صداه في الدينامية المتنامية داخل الأمم المتحدة والتي عززت ، عبر قراراتها المتتالية ، واقعية الطرح المغربي وجديته، وهو ما اعتبره المشاركون دعامة إضافية لثقتهم في عدالة موقف بلدهم.
أليانس البلجيكية… دبلوماسية مدنية على الأرض الأوروبية
استطاعت جمعية “أليانس” أن تحوّل الوقفة إلى مساحة للتواصل بين فعاليات الجالية، ولحظة تعبير جماعي عن الانخراط الإيجابي في الدفاع عن القضايا الوطنية. وتُعد الجمعية، التي راكمت تجربة لافتة في العمل المدني داخل بلجيكا، نموذجاً للمبادرات التي تراهن على الدبلوماسية الموازية ودور المجتمع المدني في إسناد المواقف الرسمية للمغرب داخل الفضاء الأوروبي.

من المسيرة الخضراء إلى المستقبل… ذاكرة تصنع الاستمرارية
رغم الطقس البارد الذي يميز بروكسيل في هذا الوقت من السنة، لم يُخفِ المشاركون حماسهم وهم يستعرضون شذرات من تاريخ المسيرة الخضراء، ويرددون أهازيج وأغانٍ وطنية تؤكد وحدة الشعب خلف رموزه ومؤسساته. كان المشهد أكبر من مجرد تظاهر عابر؛ كان في عمقه استعادة لروح 1975 حين خرج المغاربة بعشرات الآلاف لاسترجاع أرضهم بسلام وإيمان.
اليوم، وبعد عقود من تلك اللحظة المفصلية، ما تزال الجالية المغربية في أوروبا تُجسّد امتداداً لروح المسيرة: إصرارٌ، التزامٌ، وارتباطٌ لا ينفصل بالوطن الأم.

أثبتت هذه الوقفة أمام البرلمان الأوروبي أن الجالية المغربية ليست فقط رافداً اقتصادياً للمغرب، بل أيضاً قوة ناعمة تدافع عن قضاياه العادلة وتُعزز حضوره داخل الساحة الأوروبية. وفي لحظة تتقاطع فيها الذاكرة التاريخية مع رهانات المستقبل، جاءت رسالة الجالية واضحة:
المغرب في القلب… والصحراء مغربية إلى الأبد… والولاء للعرش العلوي ثابت لا يتغير.