هزّت التسجيلات الصوتية والمرئية المسربة من جلسة لجنة الأخلاقيات التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر الرأي العام، بعدما كشف الصحافي حميد المهداوي مضمونها، معتبرًا أن نشرها “يخضع لمبدأ المصلحة العامة” وأن ما ورد فيها “يتجاوز الطابع الداخلي للجلسة ويُظهر خروقات قانونية وأخلاقية تستوجب النقاش العمومي.”
تسجيلات… تُسقط اللجنة في جدل أخلاقي وقانوني
التسجيلات، التي نشرها المهداوي، أظهرت أعضاء اللجنة وهم يتفوهون بعبارات وُصفت بالنابية والمسيئة، بعضها موجّه إلى الصحافي نفسه وإلى فريق دفاعه، إضافة إلى محادثات جانبية توحي – بحسب المهداوي – بوجود “تواطؤ ضده” وتدخل في قضايا معروضة على القضاء.
اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر ردّت ببلاغ تؤكد فيه أن ما قام به المهداوي “غير قانوني”، مشيرة إلى أن اجتماع اللجنة كان سريًا وأن نشره يُعدّ خرقًا للمادة 18 من النظام الداخلي للمجلس الوطني للصحافة. كما أعلنت عزمها مقاضاته.
هيئات المحامين تدخل على الخط: كرامة المهنة أولًا
هيئات المحامين بالمغرب عبّرت عن “يقظتها ومسؤوليتها” إزاء ما ورد في التسجيل المتداول، مؤكدة في بلاغ رسمي أنها باشرت تحريات لتحديد ملابسات ما جرى، بالتنسيق مع النقباء المعنيين، للتحقق من صحة المحتوى وتحديد الجهات المسؤولة عنه.
وأكدت الهيئة أن أي إساءة للمحامين أو انتقاص من هيبتهم “اعتداءٌ على العدالة ذاتها”، متعهدة باتخاذ جميع الخطوات القانونية والمهنية لضمان احترام كرامة المهنة وصون استقلاليتها.
تحرك سياسي واسع… ومطالب بتحقيق عاجل
الانتقادات لم تقف عند حدود الجسم المهني؛ فقد دعا الأمين العام لحزب الحركة الشعبية محمد أوزين إلى فتح تحقيق عاجل في ما وصفه بـ“الفاجعة الأخلاقية” التي مسّت صورة مهنة يُفترض في مؤسساتها حماية أخلاقياتها بدل المسّ بها.
كما وجّه برلمانيون من أحزاب متعددة استفسارات إلى الحكومة حول التجاوزات التي كشفت عنها التسجيلات، مطالبين بفتح تحقيق نزيه وشفاف.
وقد توصلت الحكومة بمراسلتين على الأقل:
- الأولى من برلمانية فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني،
- والثانية من برلمانية حزب التقدم والاشتراكية نادية التهامي.
التامني اعتبرت أن التسجيلات تتضمن “تآمرا صريحا لحرمان صحفي ومؤسسة إعلامية من حقوق مهنية ودعم عمومي بمنطق انتقامي”، بالإضافة إلى “تلميحات باستغلال النفوذ للتدخل في القضاء وإقحام رئاسة النيابة العامة في تصفية حسابات.”
أما التهامي فقد شددت على “خطورة ما جرى تداوله وتأثيره على صورة البلاد الحقوقية”، داعية إلى كشف موقف وزارة الاتصال واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال ثبوت ما ورد في التسجيلات.
النقابة الوطنية للصحافة والجامعة الوطنية للإعلام: إنذار مهني
النقابة الوطنية للصحافة المغربية طالبت بفتح تحقيق عاجل ومحايد، وترتيب الجزاءات القانونية والتنظيمية في حق كل من يثبت تورطه في خروقات تمس المهنة أو تؤثر على استقلال القرار القضائي. كما أدانت النقابة ما وصفته بـ“الأسلوب الحاط من الكرامة” الصادر عن بعض أعضاء اللجنة، وما تضمنه من محاولات “توريط المؤسسة القضائية” في ملفات صحفيين.
من جهتها، اعتبرت الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام محتوى التسجيل “سقطة أخلاقية ومؤسساتية خطيرة”، مشيرة إلى أن ما حدث “نتيجة لمسار خاطئ انطلق منذ التمديد غير المبرر ومرّ بتعيين لجنة مؤقتة خارج آليات الديمقراطية.”
وأكدت أن الابتعاد عن الانتخابات المهنية “لن يفرز إلا المزيد من فقدان الشرعية والقرارات المرتجلة والإضرار بصورة الصحافة الوطنية.”
أزمة ثقة… وتصعيد مفتوح
تُجمع مختلف المكونات المهنية والسياسية على أن ما كشفته التسجيلات يمثّل منعطفًا خطيرًا في تعاطي مؤسسات تنظيم الصحافة مع ملفات التأديب والأخلاقيات، ويطرح أسئلة عميقة حول استقلالية هذه المؤسسات، ونزاهتها، وقدرتها على حفظ الثقة العامة.
وبين تهديد اللجنة المؤقتة باللجوء إلى القضاء، وإصرار الصحافي المهداوي على أن نشره جاء “للمصلحة العامة”، تتجه الأنظار إلى التحقيقات المرتقبة، التي قد تُسفر – بحسب متابعين – عن تداعيات مؤسساتية واسعة في قطاع الصحافة بالمغرب.