الراضي الليلي… من “قسم الأخبار” إلى قسم الارتزاق: نهاية حتمية لبطل من ورق

بوشعيب البازي

Screenshot

هناك شخصيات تسقط من علياء المهنة إلى حضيض العبث كما تسقط أوراق الخريف اليابسة. غير أن حالة الراضي الليلي ليست مجرد سقوط مهني؛ إنها انحدار متواصل نحو قاع بلا قرار، بعد أن وجد نفسه خارج أسوار قسم الأخبار بالقناة الأولى حين وضعت الأستاذة البـارودي نقطة النهاية لمساره التلفزي “المتوتر”. ومن يومها والرجل يتخبّط في بحث محموم عن ممول، إلى أن وجد حضناً دافئاً في أحشاء المخابرات الجزائرية، تلك التي لا تفرّط في أي صوت نشاز يمكن استغلاله لضرب المغرب وقضاياه المقدسة.

من “إعلامي مفترض” إلى بائع محتوى بلا ضمير

أتابع منذ شهور خرجات الليلي على تيك توك ويوتيوب، صراخ، شتائم، ادعاءات، ونوبات هستيريا سياسية لا تصلح حتى لمسرح الهواة. بات يتاجر بكل شيء، باسمه، بصورته، وبما تبقى من سمعته، بحثاً عن “لايكات” تزيد من قيمة الفاتورة التي يرسلها لأسياده.

والمضحك المبكي أن من كانوا بالأمس يصفقون له صاروا اليوم يتفادون ذكر اسمه، وكأنه جذام رقمي يخشون العدوى منه. فقد تبيّن للجميع أن الرجل لا يحمل مشروعاً ولا رؤية، بل حقيبة فارغة يملؤها الآخرون بما يريدون.

الجزائر… الدولة الوحيدة التي ما زالت تصدّق “المسرحية”

لم يعد أحد يثق في شعاراته الانفصالية إلا الدولة الحاضنة له: الجزائر. ومن سخرية الأقدار أن الليلي، عوض أن يطلب اللجوء عند من يموله ويمدّه بوثائق البث وسيناريوهات الشتيمة، اختار الاحتماء بفرنسا!

فرنسا… التي تدعم ورقة الحكم الذاتي وتعتبرها الحل الواقعي والوحيد لقضية الصحراء المغربية، كما أكد الرئيس ماكرون نفسه خلال زيارته الأخيرة للمملكة. فرنسا التي تعرف أن العالم تغيّر، وأن قضية الصحراء حُسمت دبلوماسياً، وأن الجزائر آخر من يعلم.

فكيف لرجل يبحث عن “قضية يعيش منها” أن يستمر إذا كانت القضية نفسها قد انتهت؟

هنا بدأت مأساة الليلي الكبرى: انتهى الملف… فانتهى الاسترزاق.

بوح الخيبة: تسجيل صوتي يكشف المستور

ولم تكتمل الكوميديا السوداء إلا بذلك التسجيل الصوتي المسرب الذي يشكو فيه الليلي من “جفاف الدعم”، ويرجو أسياده “الكراغلة” أن يمدّوه بمزيد من الدنانير لاستكمال “المهمة”.

هكذا، بلا خجل ولا رتوش:

“أرسلوا المال… لأواصل المسرحية.”

أي سقوط أقسى من أن يتحول الرجل إلى متسول سياسي يوزع الشتائم مقابل حوالة بنكية!

 الخيانة ليست رأياً… إنها مهنة عند البعض

الراضي الليلي واحد من أولئك الذين أكلوا من خير البلد وشربوا من مائه، ثم لما ضاقت بهم الحياة قفزوا إلى خندق العداء. لكنه نسي الدرس الأول في الانشقاق السياسي:

من يبع بلده… لا يشتريه أحد.

لم يبقَ عربي ولا إفريقي ولا أوروبي إلا وسمع حكاية “الاضطهاد” الذي يروّج له، وهي حكاية لا يصدقها إلا من يوزّعها أصلاً.

اليوم: لا قضية… لا جمهور… لا ممول

لم يعد في جُعبة الليلي سوى خطاب أجوف يحاول نفخ الحياة فيه من جديد. لكن سمومه لم تعد تجدي نفعاً أمام مملكة تقوّت اقتصادياً، ورسّخت سيادتها، وبنت إجماعاً دولياً حول وحدتها الترابية بقيادة الملك محمد السادس نصره الله.

لقد فقد الليلي وطنه يوم خان وطنه. وفقد احترامه يوم باع صوته.

وفقد قيمته يوم صار يتجول بين استوديوهات الاسترزاق بحثاً عن من يشتري قلة أدبه.

سقطت أوراق التوت، وذبلت آخر فصول المسرحية…

وبقي الراضي الليلي وحيداً، أمام شاشة كاميرا، يصرخ في الفراغ… بعدما انتهت القضية، وانتهى التمويل، وانتهت الأسطورة التي صنعها لنفسه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com