تتجه أنظار المتابعين، الخميس، إلى ملعب لوسيل المونديالي حيث يُسدل الستار على بطولة كأس العرب لكرة القدم، بمواجهة تجمع بين منتخب المغرب الرديف ومنتخب الأردن، في نهائي يحمل أكثر من دلالة رياضية ورمزية. فبينما يسعى المغرب إلى تتويج عام استثنائي باللقب العربي، يحلم الأردن بكتابة صفحة غير مسبوقة في تاريخه الكروي عبر إحراز أول بطولة كبرى له.
بلغ المنتخبان المباراة النهائية عن جدارة، لكن عبر مسارين مختلفين. المنتخب الأردني فرض نفسه كأحد أبرز مفاجآت البطولة، بتقديمه كرة جماعية منظمة وانضباطًا تكتيكيًا عاليًا، مكّنته من تجاوز منتخبات وازنة مثل مصر والعراق والسعودية. في المقابل، اعتمد المنتخب المغربي على جودة عناصره وعمق خياره البشري، ليواصل سلسلة النتائج الإيجابية التي رافقت الكرة المغربية في مختلف الفئات العمرية خلال السنوات الأخيرة.
ويأتي هذا النهائي في سياق موسم استثنائي للمغرب، منذ إنجازه التاريخي في مونديال قطر 2022، حين بلغ نصف النهائي كأول منتخب عربي وأفريقي يحقق هذا الإنجاز. ومنذ ذلك الحين، واصل “أسود الأطلس” حصد النجاحات، من التأهل إلى مونديال 2026، إلى التتويج بألقاب قارية وعالمية على مستوى الشباب والمحليين والناشئين، ما جعل المنتخب الرديف امتدادًا طبيعيًا لهذا الزخم، رغم غياب نجوم المنتخب الأول.
على الجانب الآخر، يدخل الأردن المباراة مدفوعًا بثقة كبيرة بعد مسار شبه مثالي في البطولة، إذ حقق خمسة انتصارات متتالية، وامتاز بتوازن لافت بين الصلابة الدفاعية والفعالية الهجومية. ورغم غياب هدافه يزن النعيمات بسبب الإصابة، نجح “النشامى” في إيجاد الحلول، بفضل تألق لاعبين مثل علي علوان، محمود مرضي، ومحمد أبو زريق “شرارة”.
وتضفي المواجهة بُعدًا خاصًا بحكم قيادتها الفنية، إذ يقود المنتخب الأردني المدرب المغربي جمال سلامي، الذي يصطدم بمواطنه طارق السكتيوي، مدرب المنتخب المغربي. سلامي، الذي راكم تجربة مهمة مع الكرة المغربية، نجح في بناء منتخب أردني يتمتع بهوية واضحة، قائمة على الانضباط الذهني والعمل الجماعي، وهو ما انعكس في أدائه أمام خصوم أقوياء.
في المقابل، يتميز المنتخب المغربي بتنظيم دفاعي صارم، استقبل هدفًا واحدًا فقط في مشواره بالبطولة، ما يجعل مهمة الأردن الهجومية أكثر تعقيدًا. ويعزو اللاعبون هذا الاستقرار إلى العمل الجماعي والانضباط التكتيكي، حيث يبدأ الدفاع من الخط الأمامي وينتهي بحارس مرمى متألق.
وتحضر الجوانب الذهنية بقوة في هذا النهائي، خاصة بالنسبة للأردن الذي يخوض مباراة نهائية جديدة على أرض لوسيل، بعد خسارته نهائي كأس آسيا أمام قطر مطلع 2024. ويراهن الجهاز الفني على استثمار تلك التجربة القاسية لتحويلها إلى دافع إضافي، في مواجهة منتخب مغربي اعتاد خوض المواعيد الكبرى.
ورغم اعتماد المغرب على تشكيلة رديفة، فإن الفوارق تبقى محدودة، في ظل غياب بعض نجوم الأردن أيضًا بسبب التزاماتهم الاحترافية خارج فترات التوقف الدولي. وهو ما يمنح النهائي طابعًا متكافئًا، مفتوحًا على جميع الاحتمالات.
وقبل إسدال الستار على البطولة، تسبق النهائي مباراة تحديد المركز الثالث بين الإمارات والسعودية، حيث يسعى المنتخبان إلى إنهاء المشاركة بإنجاز معنوي، خاصة بالنسبة للإمارات التي تطمح لتحقيق أفضل نتيجة لها في تاريخ البطولة.