رحلة AT833… حين تتحول أخطاء التدبير إلى إساءة لصورة الخطوط الملكية المغربية
عرفت رحلة الخطوط الملكية المغربية رقم AT833 للبوم السبت 20 دجنبر، المتجهة من مطار بروكسيل إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، سلسلة من الاختلالات التنظيمية التي أعادت إلى الواجهة إشكالية تدبير بعض رحلات الناقل الوطني، وما يرافقها من تأثير مباشر على صورة الشركة لدى المسافرين، خاصة أفراد الجالية المغربية المقيمة بأوروبا.
فقد سجّلت الرحلة، حسب معطيات متطابقة من مسافرين، تأخيراً تجاوز ساعة وربع دون تقديم توضيحات كافية أو تواصل فعّال من طرف إدارة الشركة أو طاقمها الأرضي بمطار بروكسيل. غير أن التأخير لم يكن سوى جزء من المشكل، إذ تبيّن أن الشركة قامت ببيع عدد من التذاكر يفوق الطاقة الاستيعابية للطائرة، ما خلق حالة من الارتباك والتوتر داخل المطار، وترك عدداً من المسافرين في وضعية غير واضحة، بين الانتظار والاحتجاج ومحاولات البحث عن حلول في آخر لحظة.

بيع مفرط للتذاكر… سياسة أم سوء تدبير؟
رغم أن سياسة “البيع المفرط” (Overbooking) معمول بها لدى العديد من شركات الطيران العالمية، إلا أنها تبقى خاضعة لقواعد صارمة وتعويضات فورية وتواصل شفاف مع الزبناء. غير أن ما حدث في رحلة AT833 يوحي، بحسب شهادات مسافرين، بغياب الاستباق والتدبير المحكم، حيث وجد الركاب أنفسهم أمام أمر واقع دون حلول بديلة واضحة أو مواكبة تليق بشركة تحمل صفة “الناقل الوطني”.
حادثة معزولة أم ظاهرة متكررة؟
المقلق في هذه الواقعة ليس فقط تفاصيلها، بل كونها ليست المرة الأولى التي تُسجَّل فيها مثل هذه الأحداث على متن رحلات الخطوط الملكية المغربية، سواء من حيث التأخيرات المتكررة أو مشاكل الحجز الزائد أو ضعف التواصل في الأزمات. وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول جودة الخدمات، خاصة على الخطوط الرابطة بين المغرب والعواصم الأوروبية التي تعرف إقبالاً كبيراً من الجالية المغربية.
صورة الشركة على المحك
تأتي هذه الاختلالات في وقت تسعى فيه الخطوط الملكية المغربية إلى ترسيخ مكانتها قارياً ودولياً، وتقديم نفسها كشركة حديثة وطموحة تراهن على الربط الجوي وتعزيز السياحة والاستثمار. غير أن تكرار مثل هذه الحوادث يسيء بشكل مباشر لصورة الشركة، ويقوض ثقة المسافرين، خصوصاً حين يتعلق الأمر برحلات دولية يفترض أن تعكس مستوى عالياً من الاحترافية والتنظيم.
الحاجة إلى مراجعة عاجلة
إن حادثة رحلة AT833 من بروكسيل إلى الدار البيضاء تشكل جرس إنذار حقيقياً لإدارة الخطوط الملكية المغربية، وتفرض مراجعة شاملة لسياسات الحجز والتواصل مع الزبناء، وتحسين تدبير الأزمات داخل المطارات الأجنبية. فصورة الناقل الوطني لا تُبنى فقط عبر الشعارات أو الأسطول، بل من خلال احترام المسافر، وضمان حقوقه، والتعامل المهني مع أي طارئ.
ويبقى السؤال المطروح: إلى متى ستستمر مثل هذه الاختلالات دون محاسبة أو تصحيح فعلي، في وقت أصبح فيه المسافر المغربي أكثر وعياً بحقوقه، وأكثر قدرة على المقارنة مع شركات طيران أخرى تقدم خدمات أكثر انضباطاً واحتراماً؟