تونس ترسل أولى رسائلها من الرباط: فوز محسوب يضع “نسور قرطاج” في موقع المرشح

بوشعيب البازي

دشّن المنتخب التونسي مشاركته في كأس أمم إفريقيا المغرب 2025 بانتصار واضح على نظيره الأوغندي (3-1)، في مباراة احتضنها الملعب الأولمبي بالرباط، ضمن الجولة الأولى من منافسات المجموعة الثالثة. فوزٌ لا تكمن أهميته فقط في النقاط الثلاث، بل في الطريقة التي قُدِّم بها، وفي الرسائل التكتيكية التي بعث بها الطاقم الفني لبقية المنافسين.

منذ الدقائق الأولى، بدا واضحاً أن المنتخب التونسي دخل اللقاء بعقلية الفريق الذي لا يرغب في ترك أي هامش للمفاجأة. ضغط عالٍ، استحواذ منظم، وسرعة في الانتقال من الوسط إلى الثلث الهجومي، وهو ما تُرجم مبكراً بهدف إلياس السخيري في الدقيقة 11، بعد عمل جماعي عكس انسجاماً ملحوظاً بين الخطوط.

سيطرة ذكية بدل اندفاع مجاني

اللافت في أداء “نسور قرطاج” خلال الشوط الأول لم يكن فقط التفوق الفني، بل القدرة على إدارة الإيقاع. فالمنتخب التونسي لم يندفع بلا حساب، بل اختار ضرب الدفاع الأوغندي في اللحظات المناسبة، مستفيداً من المساحات خلف الخط الخلفي، ليضيف إلياس العاشوري الهدف الثاني في الدقيقة 40، مؤكداً تفوقاً منطقياً قبل الاستراحة.

هذا الانضباط التكتيكي يعكس بصمة المدرب سامي الطرابلسي، الذي بدا حريصاً على تقديم منتخب متوازن، قادر على الجمع بين الفعالية الهجومية والصلابة الدفاعية، دون الوقوع في فخ الاستهلاك البدني المبكر.

شوط ثانٍ للتأكيد لا للمجازفة

مع بداية الشوط الثاني، واصل المنتخب التونسي النهج ذاته، لكن بقدر أكبر من التحكم. الهدف الثالث، الذي وقّعه مجدداً إلياس العاشوري في الدقيقة 64، جاء ليحسم عملياً مسار اللقاء، ويمنح الجهاز الفني هامشاً مريحاً لإدارة الدقائق المتبقية بأقل مجهود ممكن.

هدف أوغندا في الدقيقة 92، عبر دينيس أوميدي، لم يغيّر من معادلة المباراة، بقدر ما كشف لحظة تراخٍ طبيعية بعد ضمان النتيجة، وهي ملاحظة قد تُؤخذ بعين الاعتبار في المباريات القادمة أمام خصوم أكثر شراسة.

مجموعة ثالثة بلا هامش للخطأ

في المباراة الأخرى عن المجموعة ذاتها، نجح المنتخب النيجيري في تجاوز نظيره التنزاني (2-1) على أرضية ملعب فاس الكبير، في لقاء اتسم بالندية وسرعة الإيقاع. فوز نيجيريا، إلى جانب انتصار تونس، يضع المنتخبين مبكراً في صدارة المجموعة برصيد ثلاث نقاط لكل منهما، مع أفضلية فارق الأهداف لصالح “نسور قرطاج”.

هذا المعطى يجعل المواجهات المقبلة حاسمة، ويؤكد أن الصراع على بطاقتي التأهل سيكون ثنائياً في الغالب، مع ضرورة الحذر من أي تعثر قد يعيد الحسابات إلى نقطة الصفر.

قراءة في الدلالات

بعيداً عن النتيجة، خرج المنتخب التونسي من مباراته الأولى بإشارات إيجابية:

  • فعالية هجومية دون إفراط
  • انسجام واضح في وسط الميدان
  • قدرة على التحكم في نسق المباراة

لكن في المقابل، ستظل بعض التفاصيل الدفاعية، خاصة في الدقائق الأخيرة، محل تقييم، لأن البطولات الكبرى لا تُحسم بالأداء الجميل فقط، بل بالتركيز حتى صافرة النهاية.

في المحصلة، قدّم المنتخب التونسي نفسه في الرباط كفريق يعرف ماذا يريد، ويدرك أن الطريق نحو الأدوار المتقدمة لا يبدأ بالاستعراض، بل بالفوز الذكي… وهو بالضبط ما فعله في أول اختبار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com