الرباط – إذا كان الهدف من إرسال فرق إعلامية هو نقل الحدث كما هو، فإن ما شهدناه من بعض مراسلي قناة النهار الجزائرية في المغرب يضعنا أمام حالة نادرة من الصحافة… أو لنقل التجسس الرياضي. فقد اختار بعضهم أن يكونوا أكثر شبهاً بالمخبرين منهم بالمراسلين، يتجولون في الشوارع العامة، بعيدًا عن الملاعب، بحثًا عن زوايا مضللة لتصوير تقارير تنضح بالغضب والكراهية، متجاهلين كل القوانين الدولية الخاصة بتغطية البطولة.
الضحك المرير هنا ليس في مجرد التجوال، بل في محاولتهم تحويل الشوارع إلى “ساحة صراع” إعلامي، بينما الحق الوحيد لهم كان التصوير داخل الملعب، تمامًا كما هو محدد لكل الصحفيين المعتمدين من قبل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم. أي تصوير خارج هذا الإطار ليس صحافة، بل عمل فوق القانون، محاولة لتشويه صورة المغرب عبر خداع المشاهدين.
الدبلوماسية العربية في مواجهة الغضب الجماهيري
رغم مساندة بعض الدول العربية للمنتخب الجزائري، كان الصوت الرسمي أكثر حكمة، مطالبًا بعدم المبالغة في دعم الفريق الجزائري ، خاصة في ظل وجود نحو 90 ألف مشجع جزائري في المدرجات. هذه الدعوة لم تنجح دائمًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت دعوات صريحة لعدم دعم المنتخب الجزائري، حفاظًا على “التوازن الرياضي”، وتجنبًا للانجرار وراء الانحياز الشعبي العاطفي.
الجمهور: من التشجيع إلى العائق
ولم تقتصر التحديات على الإعلام، فقد أظهرت البطولة أن الجمهور الجزائري نفسه أصبح، أحيانًا، جزءًا من المشكلة. نقص التذاكر وتكدس الجماهير خلق فوضى في عدة مباريات، ما جعل تنظيم البطولة أكثر تعقيدًا. وهنا يتضح paradox واضح: الشغف الرياضي يتحول أحيانًا إلى عائق أمام نجاح الفعاليات الدولية.
تحليل مهني: الرياضة ليست شارعًا للتصفية
هذه الحالة تكشف عن الفجوة الكبيرة بين الصحافة المهنية، التي تقوم على الشفافية والمصداقية، وبين من يختارون أن يكونوا أدوات لنقل الكراهية والخوض السياسي عبر الرياضة. الكان في المغرب ليس مجرد بطولة، بل درس عملي في إدارة الإعلام والجماهير: الاحترام للقوانين واللوائح هو السبيل الوحيد لإنجاح أي حدث دولي، مهما حاول البعض تحويله إلى منصة لتصفية الحسابات أو بث الغضب المسبق.
في النهاية، إذا كنتم تبحثون عن “الإثارة خارج الملعب”، فلا حاجة لشراء تذاكر المباريات، يكفي متابعة مراسلي قناة النهار الذين يثبتون يوميًا أن الصحافة قد تتحول، ببعض الإصرار، إلى فن التجسس… لكن الكان في المغرب مستمر، والقوانين واضحة: الملعب ليس شارعًا، والمهنة ليست منصة للبغضاء.