أسود الأطلس بلا ضجيج… صدارة محسوبة ورسالة مبكرة لباقي المنافسين

بوشعيب البازي

الرباط – لم يحتج المنتخب المغربي إلى كثير من الحسابات أو السيناريوهات المعقدة ليحسم تأهله إلى دور الـ16 من كأس أمم أفريقيا. فوز واضح، أداء منضبط، وصدارة تُنتزع بهدوء: هكذا أنهى “أسود الأطلس” دور المجموعات بعد الانتصار على زامبيا بثلاثية نظيفة، رافعًا رصيده إلى سبع نقاط، ومؤكدًا أن هذا المنتخب بات يُجيد إدارة المواعيد القارية بعقل بارد لا بعاطفة مفرطة.

منذ الدقائق الأولى على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله، بدا واضحًا أن المنتخب المغربي دخل المباراة بعقلية الحسم المبكر. لم يكن هناك اندفاع غير محسوب، ولا انتظار مقلق لما ستؤول إليه مجريات اللقاء، بل سيطرة تدريجية تُدار بالتمركز الجيد والضغط الذكي، وهو ما تُرجم سريعًا إلى هدف أول وقّعه أيوب الكعبي في الدقيقة التاسعة، فاتحًا المباراة على إيقاع مغربي خالص.

نضج تكتيكي بدل الاستعراض

ما ميّز أداء “أسود الأطلس” في هذه المواجهة لم يكن فقط غزارة الأهداف، بل طريقة تسجيلها وسياقها. الهدف الثاني الذي حمل توقيع إبراهيم دياز في الدقيقة 27، جاء تتويجًا لتناغم واضح بين الخطوط، وتأكيدًا على أن المنتخب المغربي لم يعد يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما يراكم اللعب الجماعي المنظم.

في الشوط الثاني، لم يتراجع الإيقاع ولم يدخل المنتخب في حسابات الحفاظ على النتيجة. على العكس، واصل اللاعبون الضغط، ليعود أيوب الكعبي ويوقع هدفه الشخصي الثاني والثالث للمغرب في الدقيقة 50، ضاربًا عمليًا آخر آمال زامبيا في العودة، ومحوّلًا ما تبقى من اللقاء إلى اختبار للجاهزية الذهنية أكثر منه صراعًا مفتوحًا.

صدارة بلا ارتباك

بهذا الانتصار، تصدر المنتخب المغربي مجموعته الأولى برصيد سبع نقاط، بعد فوزين أمام جزر القمر (2-0) وزامبيا (3-0)، وتعادل أمام مالي. أرقام تعكس توازن الأداء أكثر مما تعكس مجرد تفوق هجومي: دفاع منظم، انتقال سلس بين الحالات، ونجاعة واضحة أمام المرمى.

في المقابل، ودّعت زامبيا البطولة من الدور الأول، مكتفية بنقطتين من تعادلين، بعدما عجزت عن مجاراة الإيقاع المغربي، سواء بدنيًا أو تكتيكيًا، لتتذيل ترتيب المجموعة في سيناريو يُجسد الفارق بين منتخب يخطط للذهاب بعيدًا، وآخر يكتفي بردود الفعل.

ما بعد دور المجموعات: الامتحان الحقيقي

ورغم أهمية الصدارة، يدرك الطاقم التقني واللاعبون أن بطولة كأس أفريقيا لا تُحسم في دور المجموعات. الأدوار الإقصائية تُدار بمنطق مختلف، حيث التفاصيل الصغيرة تصنع الفارق. غير أن ما يُحسب للمنتخب المغربي في هذه المرحلة هو دخوله منطقة “المرشحين” بأداء متزن، دون ضجيج إعلامي أو وعود متسرعة.

الدعم الجماهيري الكبير في الرباط منح اللاعبين دفعة معنوية واضحة، لكنه لم يتحول إلى ضغط، وهو مؤشر آخر على نضج العلاقة بين المنتخب وجمهوره، حيث لم يعد التشجيع مقرونًا بالقلق، بل بالثقة.

في المحصلة، لم يكن فوز المغرب على زامبيا مجرد ثلاث نقاط إضافية، بل إعلان جاهزية صامتة ، منتخب يعرف ماذا يريد، وكيف يصل إليه، خطوة بخطوة… دون أن يرفع صوته قبل الأوان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com