عبد المجيد تبون… رئيس بنكهة مونولوغ: عندما يتحوّل قصر المرادية إلى مسرح كباريه سياسي

بوشعيب البازي

في عالم السياسة، تُقاس هيبة الزعيم بما يقوله، وما لا يقوله. تُوزن كلماته بميزان الذهب، تُراجع خطاباته عشرات المرات قبل أن تصل إلى آذان الرأي العام. لكن حين يكون اسم الرئيس عبد المجيد تبون، يصبح هذا المعيار مجرد طرفة قديمة لا تُناسب “الاستثناء الجزائري”، حيث تُلقى التصريحات من الفم الرئاسي كما تُرمى النُكت في مقهى شعبي، بلا مراجعة، بلا مستشار، وبكثير من “الثقة بالنفس”… إلى حدّ التهلكة.

تبون، الرئيس الذي يُضحك الكوكب

لا يحتاج عبد المجيد تبون إلى مهرّج في بلاطه، لأنه ببساطة… يقوم بالدور على أكمل وجه. تصريحاته الغريبة، أرقامه الخيالية، ومشاريعه التي لا توجد إلا في مخيلته الرئاسية، أصبحت مادة دسمة لبرامج الكوميديا حول العالم. فقد وعد الرئيس مرةً بـ”تصدير الكهرباء إلى أوروبا عبر السحابة”، ومرّة أخرى تحدّث عن اقتصاد رقمي بينما الإنترنت تنقطع عن ولايات بأكملها مع أول ريح.

الرجل لا يتردد في الحديث عن “ثورة صناعية جزائرية”، بينما لا تزال البلاد تستورد حتى المسمار. وإن سُئل عن البطالة، تحدّث عن “خلق 500 ألف منصب شغل سنويًا”، لكن دون أن يُحدد هل هي مناصب حقيقية أم متوفرة فقط في لعبة “سيم سيتي” السياسية التي يعيش فيها.

تبون ومشروع الـ 1000 وهم

كلما ظهر تبون أمام الكاميرا، نعرف أننا على موعد ليس مع خطاب رئاسي، بل مع عرض سحري من الدرجة الثالثة. هو لا يُعلن عن مشروع، بل يستدعي “جنّيات الخيال” ليُبشّرنا بمصانع للسيارات، ومزارع للطاقة الشمسية، وأنفاق تربط الصحراء بموسكو، وبورصة جزائرية تنافس وول ستريت.

لا توجد دراسات جدوى، ولا أرقام موثقة، ولا حتى مستشارين لتجميل ما لا يُجمَّل. الرئيس الجزائري يفضّل الاكتفاء بحاشيته من “المدّاحين”، الذين يُصفّقون تلقائيًا، حتى لو قال إن القمر صُنع في تمنراست.

في الجزائر… لا حاجة لفريق إعلامي

كل الرؤساء في العالم، من البيت الأبيض إلى الإليزيه، يُحيطون أنفسهم بفِرق إعلامية ومراكز دراسات ومُستشارين يُصحّحون المسار، ويُحذّرون من الزلات، ويُعدّون الخطابات بعناية.

لكن عبد المجيد تبون لا يُؤمن بهذه “البدع الغربية”. في الجزائر الجديدة، الرئيس لا يحتاج لا لمستشار إعلامي، ولا لكاتب خطب، ولا حتى لصديق يُنبهه أن المايكروفون مفتوح. النتيجة؟ مهرجان يومي من الخرجات غير المحسوبة التي يتداولها العالم كأنها نكتة صيفية تُنعش الأرواح.

من قصر المرادية إلى شاشات السخرية الدولية

لم يعد هناك برنامج ساخر أو صفحة ميمز سياسية تخلو من مقتطفات تبونية. تحوّل الرجل إلى تريند دائم، إلى أيقونة للعبث السياسي في زمن يزداد فيه الطلب على الضحك وسط أخبار الحروب والكوارث.

في النهاية، يبدو أن عبد المجيد تبون لم يُنتخب ليقود الجزائر، بل ليُسلّي العالم. ولأن لكلّ شعب قدره، فإن الشعب الجزائري، الذي يُعاني من غلاء الأسعار، والبطالة، والقمع، يجد نفسه مضطرًا لمتابعة مشهد عبثي، بطله رئيس يُحدثنا عن معجزات، بينما الواقع يُحدثنا عن فشل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com