يبدو أن قنصلية المغرب بفرانكفورت قررت أن تدخل كتاب “غينيس” من الباب الواسع: مرتان من محاولة السرقة في أقل من شهر، وصولاً إلى مكتب القنصل العام خليفة أيت الشايب نفسه. في فيلم سينمائي كهذا، كان يمكننا انتظار تدخل الشرطة أو ربما ظهور البطل المنقذ. لكن في الحقيقة، ما حصل هو اجتماع طارئ دعا إليه القنصل، حيث لم يوصِ الموظفين سوى بشيء واحد: “الصمت… وإلا العقاب!”.
مرتان في شهر واحد… والفاعل “مجهول”
ليست الحادثة الأولى غريبة فقط، بل تكرارها جعل القنصلية أشبه بمسرح عبثي. في المرة الثانية، اضطر القنصل العام إلى الاتصال بالشرطة الألمانية. غير أن السؤال الجوهري: هل أخبر وزارة الخارجية في الرباط؟ هل تم رفع تقرير رسمي إلى الرؤساء المباشرين؟ أم أن الأمر طُوي كما تُطوى أوراق المراسلات غير المرغوب فيها؟
أسرار القنصلية… على الرفوف
المثير للقلق أن هذه القنصلية ما زالت تعتمد على المجلدات الورقية لتخزين ملفات الجالية. نعم، في زمن الرقمنة والأمن السيبراني، تُركت بيانات آلاف المغاربة في ألمانيا عرضة لأي “زائر ليلي” يحمل مفك براغي. فهل يمكن للجالية أن تطمئن إلى أن معلوماتها الشخصية في مأمن، بينما القنصلية نفسها لم تنجُ من السرقة مرتين؟
سياسة النعامة… بإخراج قنصلي
بدل الاعتراف بالخلل ومعالجته، لجأ القنصل العام إلى أسلوب كلاسيكي: دفن الرأس في الرمال وتهديد الموظفين. كأن التستر سيجعل اللصوص ينسون الطريق إلى القنصلية! لكن الواقع أن الغموض يزداد: ماذا كان في مكتب القنصل حتى يسعى إلى منع أي همس أو تلميح؟ هل هي وثائق حساسة؟ أم مجرد أسرار صغيرة لا يريد أن تصل إلى الرباط؟
صورة المغرب بين السرية والسرقة
النتيجة النهائية: قنصلية يُفترض أن تمثل صورة المغرب في ألمانيا تحولت إلى خبر مثير للتندر. فبين سرقات غامضة، وتعليمات بالصمت، ومجلدات ورقية تعود إلى زمن “الكتبة”، يبقى السؤال الأهم: هل بيانات الجالية المغربية بألمانيا في أمان؟
والأيام وحدها ستكشف إن كانت السرقتان مجرد صدفة عابرة، أم بداية لسلسلة طويلة من الفضائح القنصلية التي لا تحتاج إلا إلى لصوص هواة لإبراز هشاشتها.