جدل واسع بعد إلغاء تعليم العربية لأبناء الجالية المغربية في مورسيا

أثار قرار حكومة إقليم مورسيا الإسباني، أمس الاثنين، موجة واسعة من الجدل والقلق داخل صفوف الجالية المغربية، بعد إعلانها الإلغاء الفوري لبرنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية، بالتزامن مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد.

الخطوة جاءت استجابة لضغوط قوية مارسها حزب فوكس اليميني المتطرف، المشارك في الائتلاف الحاكم المحلي، مكررة بذلك سيناريو مماثلا عاشته العاصمة مدريد قبل أشهر قليلة.

وكان البرنامج، الذي تموله مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، يقدَّم كأنشطة تكميلية اختيارية داخل حوالي عشر مدارس عمومية بالإقليم، واستفاد منه أكثر من 300 تلميذ معظمهم من أبناء الجالية المغربية. وقد ساهم على مدى سنوات في ربط هؤلاء الأطفال بلغتهم الأم وثقافة بلدهم الأصلي، إلى جانب تسهيل اندماجهم في المجتمع الإسباني. كما شمل دروسًا تعريفية بالتاريخ والجغرافيا المغربية، ما عزز جسور التبادل الثقافي بين التلاميذ.

ويرى مراقبون أن القرار يمثل انتصارا سياسيا لـ”فوكس”، المعروف بخطابه المناهض للهجرة والتعددية الثقافية. فمنذ دخوله في تحالفات محلية مع الحزب الشعبي (Partido Popular)، كثف الحزب ضغوطه لوقف برامج يعتبرها تهديدا لـ”الهوية الوطنية الإسبانية”. وهو ما وضع الحزب الشعبي في موقف معقد بين الحفاظ على تحالفه السياسي مع اليمين المتطرف، وتفادي أي توترات اجتماعية أو دبلوماسية.

ويعتبر متتبعون أن ما يحدث في مورسيا ليس قرارا معزولا، بل حلقة جديدة ضمن توجه سياسي منسق يستهدف ما يصفه “فوكس” بـ”التأثيرات الأجنبية”، خصوصا المرتبطة بالعالم العربي والإسلامي، في محاولة لفرض رؤية أحادية للثقافة الإسبانية.

وقد عبرت جمعيات حقوقية ومنظمات مدافعة عن المهاجرين عن مخاوفها من أن تؤدي هذه السياسات إلى تكريس التمييز ضد الأقليات، فيما أبدت الجالية المغربية استياء شديدا، محذرة من أن مثل هذه الخطوات ستزيد من شعور الأطفال والشباب بالعزلة والاغتراب.

ويرى مراقبون أن إلغاء برنامج تعليم اللغة العربية في مورسيا لا يقتصر على كونه قرارا تعليميا، بل يعكس تحولات أعمق في المشهد السياسي والاجتماعي بإسبانيا، ويطرح تساؤلات جدية حول مستقبل التعددية الثقافية في ظل تنامي نفوذ التيارات اليمينية المتطرفة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com