في قاعة الأمم المتحدة بنيويورك، قدّم السفير الممثل الدائم للمغرب، عمر هلال، درساً في الدبلوماسية الهادئة والفاعلة، وهو يرد على تصريحات وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، حول قضية الصحراء المغربية. هلال لم يلجأ إلى الانفعال أو السجال العقيم، بل واجه الخطاب الجزائري بأدلة تاريخية، وأرقام تنموية، وحقائق دبلوماسية على الأرض.
التاريخ لا يرحم
أول ما ذكّر به الدبلوماسي المغربي أن المغرب نفسه هو من بادر، قبل 62 عاماً، إلى إدراج قضية الصحراء في جدول أعمال الجمعية العامة كقضية تصفية استعمار. كما لفت إلى أن الجزائر “تتجاهل عمداً” القرار 3458B الصادر سنة 1975، الذي أخذ علماً باتفاقيات مدريد وأنهى الاستعمار الإسباني للصحراء.
الواقع أبلغ من الشعارات
في مواجهة خطاب “الحقائق المفروضة” الذي رددته الجزائر، استعرض هلال التحولات العميقة في الأقاليم الجنوبية: استثمارات بمليارات الدولارات، استقرار وأمن، مشاريع كبرى مثل الميناء الأطلسي العميق في الداخلة، أطول جسر في إفريقيا، شبكة طرق سيارة، جامعات ومستشفيات جامعية. ثم أضاف أن المشاركة الفعلية لسكان الصحراء في الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والثقافية، إلى جانب افتتاح 30 قنصلية عامة بمدينتي العيون والداخلة، تمثل اعترافاً دولياً ملموساً بمغربية الصحراء.
إقرأ أيضا : جبهة البوليساريو: بين الانفصال والانزلاق نحو الإرهاب
التناقض الجزائري
هلال فضح التناقض الصارخ في خطاب الجزائر: فهي تدّعي “الحياد”، لكنها تضع شروطاً وتحدد أسساً للحل. تساءل بحدة: “بأي صفة تضع الجزائر هذه الشروط إن لم تكن طرفاً أساسياً في النزاع؟”. ثم دعاها إلى الانخراط الجاد في الموائد المستديرة التي يشرف عليها المسار الأممي.
إجماع دولي متصاعد
أشار السفير المغربي إلى أن أكثر من 120 دولة تدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، من بينها ثلاثة أعضاء دائمون في مجلس الأمن، إضافة إلى ثلثي دول الاتحاد الأوروبي. أما الولايات المتحدة، فقد ذهبت أبعد من ذلك حين أوصت وكالاتها ومؤسساتها الاقتصادية بالاستثمار المباشر في الأقاليم الجنوبية.
دبلوماسية اليد الممدودة
وفي ختام رده، استشهد هلال بخطاب العرش للملك محمد السادس (29 يوليوز 2025)، حيث أكد جلالته أن الحل العادل والمنصف يجب أن يكون توافقياً، دون غالب ولا مغلوب، بما يحفظ ماء وجه جميع الأطراف.